د. سليمان علي الخوالدة : دور التحول الرقمي في تحسين العملية الانتخابية وتعزيز المشاركة في الأردن
في إطار سعي الأردن المستمر لتحديث وتحسين أنظمته السياسية والإدارية، يبرز التحول الرقمي كأداة أساسية لدعم هذا التوجه. في ظل التغيرات التكنولوجية الكبرى التي يشهدها العالم، أصبح التحول الرقمي عاملًا محوريًا لتعزيز الشفافية والنزاهة في مختلف العمليات الحكومية، بما في ذلك الانتخابات وإجراءاتها. فالتكنولوجيا اليوم لم تعد تقتصر على تحسين الأداء المؤسسي، بل أصبحت ضرورة لتحقيق مزيد من الفعالية في تسيير العمليات الإدارية وتبسيط الإجراءات للمواطنين. وبالتوازي مع هذه التحولات، يظهر الابتكار الرقمي كوسيلة لفتح أبواب جديدة أمام المشاركة السياسية، مما يتيح للناخبين فرصًا أفضل للمشاركة في العملية الانتخابية بطريقة أكثر شفافية وسهولة.
الهيئة المستقلة للانتخاب، باعتبارها الجهة المسؤولة عن تنظيم الانتخابات في الأردن، ستكون في قلب هذا التغيير الرقمي في حال تبنت الهيئة تقنيات التصويت الإلكتروني، فذلك سيمنحها القدرة على مراقبة العملية الانتخابية بشكل أكثر فاعلية، ويعزز من شفافية نتائج الانتخابات من خلال نشرها في الوقت الفعلي. كما سيساهم استخدام تقنيات مثل تحليل البيانات الضخمة في رصد أي مخالفات محتملة في أنماط التصويت. وبالتالي، فإن التحول الرقمي سيسهم في تقليل الأخطاء البشرية ويعزز قدرة الهيئة على ضمان نزاهة الانتخابات.
وبالرغم من أن الهيئة قد بدأت في استخدام بعض التقنيات الحديثة في تنظيم العملية الانتخابية، إلا أن التصويت الإلكتروني يجب أن يكون خطوة رئيسية نحو تطوير النظام الانتخابي وتعزيز الشفافية. إن تبني التصويت الإلكتروني يُعد أمرًا حيويًا لضمان نزاهة العملية الانتخابية، حيث سيوفر أداة شفافة وآمنة تسمح للناخبين بالإدلاء بأصواتهم بسهولة وسرية. هذا التحول سيقلل من محاولات التلاعب واستغلال الناخبين، كما سيساهم بشكل كبير في الحد من الفساد المالي في العملية الانتخابية، ويتيح الإعلان الفوري عن نتائج الانتخابات، مما يسهم في رفع مستوى الثقة في العملية الانتخابية.
إضافة إلى ذلك، فإن التصويت الإلكتروني سيكون له تأثير إيجابي كبير على رضا المجتمع الأردني تجاه العملية الانتخابية. إذ سيسهم هذا التغيير في تسهيل المشاركة الانتخابية، مما يمنح المواطنين فرصة للإدلاء بأصواتهم بسهولة أكبر وفي أي وقت يناسبهم، سواء داخل البلاد أو خارجها. كما أن التصويت الإلكتروني سيقلل من مشاعر الإحباط المرتبطة بالإجراءات التقليدية، مثل الانتظار الطويل في الطوابير أو الحاجة إلى التنقل لمسافات بعيدة للوصول إلى مراكز الاقتراع. بالإضافة إلى ذلك، سيوفر التصويت الإلكتروني درجة عالية من الشفافية، إذ سيتمكن الناخبون من التأكد من صحة وموثوقية أصواتهم، مما يعزز ثقتهم في نزاهة العملية الانتخابية. من خلال هذه التحسينات، سيشعر المواطنون بأن صوتهم له تأثير حقيقي في العملية السياسية.
وبما يساعد في التوجه نحو التصويت الإلكتروني أن الأردن يمتلك بنية تحتية هائلة في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، مما يشكل فرصة كبيرة للهيئة المستقلة للانتخاب للاستفادة من هذه البنية المتقدمة في تنفيذ عملية التحول الرقمي. مع تعزيز بعض المتطلبات الفنية والإجراءات الأمنية اللازمة، يصبح من الممكن تنفيذ التصويت الإلكتروني بشكل آمن وفعّال. ومن أجل تحقيق هذا الهدف، يتعين على الهيئة المستقلة للانتخاب توفير مجموعة من المتطلبات الأساسية كتطوير بنية تحتية قوية في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لضمان قدرة جميع المواطنين، بما في ذلك المقيمين في الخارج، على المشاركة في الانتخابات بسهولة. بالإضافة الى تحديث التشريعات المتعلقة بالانتخابات لضمان حماية البيانات الشخصية وأمن المعلومات في إطار التصويت الإلكتروني، بما في ذلك قوانين الأمن السيبراني التي تضمن حماية الأنظمة من الهجمات الإلكترونية.
إن التحول إلى التصويت الإلكتروني يفتح أمام الأردن أفقًا جديدًا للابتكار في المجال الانتخابي، ويعزز من التفاعل بين الدولة والمواطنين بالإضافة الى المساهمة في بناء ثقافة من الشفافية والمصداقية مما يرفع من مستوى المشاركة ويزيد من الثقة في النظام الديمقراطي وبالتالي تعزيز صورة أكبر من مستويات رضاهم عن النظام السياسي ككل. ــ الدستور