الأخبار

ابراهيم عبد المجيد القيسي : فعلها لأنه كان صائماً

ابراهيم عبد المجيد القيسي : فعلها لأنه كان صائماً
أخبارنا :  

فوجئت؛ كملايين الأردنيين بقرار البنك المركزي، المستقل المستقر السيادي القيادي النافذ، الذي لا أحد ولا جهة في البلاد يمكنها وقفه، ولا الاعتراض عليه، وهو اقرار زيادة 12 ديناراً على قيمة التأمين، لكل سيارة تمت مخالفتها بمخالفة أو أكثر!!.. وبالطبع كان هناك مثلها أي تقريبا 12 ديناراً سنوياً جديدة، - على الأقل - على كل خط هاتف، بعد أن قامت شركات الاتصالات برفع قيمة البطاقات، وقبلها تحدثنا عن فوائد البنوك التي تم إقرارها «بالتقمّص»، حيث رفع الفائدة في الفيدرالي الأمريكي لدعم الدولار، بينما التنفيذ في الأردن على قروض قديمة، وقلنا وسنقول عن نظرية «الشرائح» في فواتير المياه والكهرباء، وفي حسبة بسيطة، فإن معدل 300 دينار، هو المبلغ الذي زاد على فاتورة النفقات الشهرية لكل رب عائلة، ولم يقابل هذه الزيادة في الاسعار والرسوم والعبقريات، زيادة على دخل الموظف وغيره!!.
نحن وعلى مضض تفهمنا فلسفة مخالفة السير، ولم نتقبل او نتفهم «جموحها»، فقلنا يحق للدولة ان تفرض رسوما وغرامات على من يخالف قوانين السير، لكن كيف نتقبل أو نتفهم ان يجري دعم شركات التأمين الخاصة من جيب المواطن، يعني إذا ولا بدّ فلتذهب الغرامة للحكومة وليس لجهات مالية خاصة، وإن كان هناك من توجه حكومي لدعم جهات وشركات ما، فليكن من موازنة وجيب وحساب الحكومة او البنوك، او تخفيف الضرائب والرسوم على شركات التأمين، بدلا عن اللجوء للمواطن، الذي يعلم الله بحاله وقلة ماله.
شخصيا؛ وحين أكون مخالفا لقانون السير، فلا أتأفف من المخالفة، ولا اعتبر رجل السير يتصرف معي بشكل شخصي، فهو يطبق قانونا، وأنا مخالف، واستحق المخالفة، لكن وعلى الرغم من هذه القناعة والحقيقة إلا أنني أشعر بأن في القانون نزعة تعادي نقودي، حين يأتي استحقاق تجديد ترخيص سيارتي، حيث أجد مبلغا يقترب او ربما يزيد عن قيمة ترخيص السيارة، لا سيما إن كان لديك ابن ضيّق الخلق عند قيادة السيارة والحصول على مخالفة.. وكما تعلمون، فإن المخالفات تلازم ضيّقي الصدر، وتتناسب عكسيا مع مساحة ورحابة الصدر.. لكنها غريبة جدا، ان تدفع غرامتان او عقوبتان ماليتان على مخالفة، وهذه قاعدة قانونية تذوب بدورها.
في شهر رمضان الماضي، أوربما قبله، تابعت فيديو وخبرا تناقلته وسائل الإعلام وكائنات التواصل، حيث قام شاب من الكرك، بالتخلص من حافلته الصغيرة الخاصة (يمكن باص كيا)، بعد أن (شمطه شرطي السير مخالفة)، الشاب كان صائما، ونسي (لحمة مفرومة) عند اللحام، فعاد ليتناولها بسرعة، فإذا به يتسلم مخالفة من شرطي السير، ففعلت فيه فعلها، وبسبب الصيام، شاهدناه يقوم بتهوير (باصه الخاص) من على شفا أحد الأودية السحيقة التي تحيط بمدينة الكرك، وشاهدنا (الباص) وهو ينتحر..!.
أنا متأكد بأن ذلك الشاب، وبعد ان تناول الفطور غروب ذلك اليوم، شعر بالندم، وتساءل عن جدوى ما فعله، وهو ربما خرج باستنتاج حول الغضب.. وكذلك حول ارتفاع متسوب الغضب وقلة الحكمة حين يكون الشخص صائما.
هناك ثقافة لا يستهان بها، مصدرها الجوع والفاقة والفقر، وكل معاناة البشر، التي عرفناها وسمعنا او قرأنا عنها في عيون الأدب العالمي والمحلي، كلها يمكن صياغتها وكتابتها من جديد، دون التغني بالإبداع والقداسة، لأن «الجوع» هو مصدرها ومنبع نهر ثورتها.
فاتركوا «قريشات» الناس فهي ذخيرتهم للخبز وإطفاء جوعهم وجوع أطفالهم. ــ الدستور

مواضيع قد تهمك