الأخبار

محمد جودت الرفاعي : هل نعود إلى بساطة الماضي في عصر الثورة الرقمية؟

محمد جودت الرفاعي : هل نعود إلى بساطة الماضي في عصر الثورة الرقمية؟
أخبارنا :  

في عصر تتسارع فيه التطورات التكنولوجية، أصبحت التقنيات الرقمية جزءاً أساسياً من يومنا، وتغلغلت في كل تفاصيله من تواصل اجتماعي، إلى عمل، وتعليم، وصولاً إلى الترفيه، فهذه الثورة الجديدة جلبت العديد من الفوائد التي سهّلت عيشنا وزادت من سرعتها، لكن في المقابل، تركت العديد من الأسئلة حول تأثيراتها على نمط حياتنا، فهل نحن في حاجة فعلاً للعودة إلى بساطة الماضي، أم أن تلك الأيام قد ولّت دون رجعة، كما يقال: «اللي فات مات"؟

الحقيقة أن التكنولوجيا لم تأتِ دون ثمن، فقد جلبت معها تحديات وسلبيات جعلت الكثيرين يتساءلون عن تأثيرها على نفسياتنا، فبينما سهلت لنا الأجهزة الحديثة العديد من الأمور، إلا أنها دفعتنا إلى العيش في دوامة مستمرة من الانشغال، والضغط النفسي، والمقارنات الاجتماعية، فقد صرنا نعيش في عصر لا يكاد يخلو من «الانترنت»، وهو ما أثر بشكل كبير على نوعية علاقاتنا الاجتماعية، وجعلنا ننسى في كثير من الأحيان تلك اللحظات البسيطة التي كانت تمثل جوهر حياتنا، إذ بات هناك أشخاص يركضون وراء الحياة بشكل معقّد ويصنعون حولهم أقفاصاً ت?ول بينهم وبين مجتمعهم وأسرهم وأصدقائهم.

الجيل الذي عاش في فترات الستينيات والسبعينيات وحتى الثمانينيات أو من عاش تلك الحقبات، يتذكر جيداً كيف كانت الحياة أكثر هدوءاً وأبسط، فقد كانت الأيام تمضي ببطء، ومائدة الطعام تجمع العائلة حولها بشكل يومي، وكانت تشكل مناسبة لتبادل الأحاديث والتواصل الفعلي بعيداً عن ضغوط الحياة اليومية، ففي ذلك الوقت، لم يكن الناس مشغولين بالمقارنات الاجتماعية كما نراها اليوم، بل كانوا يعيشون بما لديهم، دون تكلف أو مسعى وراء المظاهر.

كان الناس يعيشون في الماضي ضمن إمكانياتهم، كما يقول المثل «على قد لحافك مد رجليك»، عندما كانوا يقدرون ما لديهم ويعيشون بواقعية، ولكن ترى الآن على سبيل المثال صاحب فرح «عرس» أو حزن «عزاء» يستدين لعمل حفل أو وليمة عشاء أو غداء، ويتكلف فوق طاقته حتى يبدو بمظهر الكريم حتى لو كان كارهاً لفعله، ولعلّ سبب ذلك هو حكم العادة الجديدة في إظهار كل شيء على السوشال ميديا والافتخار بما يقوم به، ما جعل هذه المظاهر تقتل أحلامنا وآمالنا بعودة العادات والتقاليد البسيطة القديمة، فكم من فتاة وشاب حالياً لا يستطيعون الزواج بسبب?المظاهر الكاذبة على مواقع التواصل الاجتماعي.

لكن مع كل هذه التغيرات، يظل السؤال قائماً: هل الحياة الحالية بتسارعها وتقنياتها أفضل من تلك البسيطة التي عاشها آباؤنا وأجدادنا؟ وهل يمكننا دمج هذه الحياة السريعة مع قيم البساطة والهدوء؟، في الواقع، نستطيع الاستفادة من التطورات الحالية دون أن نفقد جوهر الحياة البسيطة، فالتكنولوجيا رغم تحدياتها، يمكن أن تكون أداة للراحة والسهولة إذا تم استخدامها واستغلالها بشكل حكيم، من خلال تخصيص أوقات معينة للابتعاد عن الأجهزة الإلكترونية والتركيز على العلاقات الحقيقية والتجارب الواقعية، فالحياة البسيطة لا تعني قلة الإمكان?ات، بل تعني الاستمتاع باللحظات اليومية والتركيز على ما هو مهم، والتواصل مع الأسرة، وتقدير اللحظات الصغيرة، والعيش بواقعية وتوازن مع أنفسنا ومع من حولنا، وتقدير ما نملك والافتخار به. ــ الراي

مواضيع قد تهمك