كمال زكارنة يكتب : هل يتسلل الدخان الابيض من البيت الاسود
كمال زكارنة:
الحديث عن اتفاق لوقف العدوان الاسرائيلي على لبنان ،يدور فقط في الاروقة الامريكية والاسرائيلية واللبنانية ،ولم يصدر عن الجهة المعنية مباشرة بالاتفاق وهي المقاومة اللبنانية ، اي حديث او تصريح او اعلان حتى الان.
هناك "طبخة سياسية" تشارك في اعدادها عدة اطراف ،لكنها لن تسكب قبل ان يتذوقها حزب الله ويوافق عليها،قبل الاعلان عن الاتفاق المنتظر.
ادارة ترامب هي التي تدير المفاوضات بشأن الاتفاق ،وادارة بايدن ما هي الا واجهة ،وعملها ينحصر في ايصال الرسائل بين الاطراف المتصارعة،وارتفاع منسوب الامل بالتوصل لاتفاق الهدنة على الجبهة الشمالية ،مرده ان ترامب ربما قرر وقف العدوان الاسرائيلي على لبنان،اما ادارة بايدن فان ميوعتها ومراوغتها افشلت كل الجهود والمحاولات السابقة لوقف العدوان على لبنان وفلسطين.
الاتفاق المرتقب ،اما ان يشكل نصرا للمقاومة او استسلاما من قبلها ،وسوف يكون نصرا ،اذا استطاعت المقاومة اجبار اسرائيل على الانسحاب الكامل من الاراضي اللبنانية ،بما في ذلك مزارع شبعا وكفر شوبا والمرتفعات التي تحتلها اسرائيل منذ عقود،والحفاظ على سيادة واستقلال لبنان ،ومنع الاسرائيلي من التدخل بأي شكل من الاشكال بسيادة واستقلال لبنان او الاقتراب من اراضيه لأي سبب كان،وحافظت على سلاحها وبنيتها العسكرية والامنية والسياسية ،وظلت العلاقة بين المقاومة والحكومة اللبنانية داخل البيت اللبناني والتوافق بشأن مستقبلها يكون لبنانيا فقط،دون اي تدخل اسرائيلي ،واذا حافظت المقاومة اللبنانية على وحدة الساحات وتماسك ووحدة جبهات المقاومة .
اي اتفاق يهدم اي من هذه الثوابت ،سوف ينسف محور المقاومة كليا،ويفتت ويمزق جبهات المقاومة في فلسطين ولبنان واليمن والعراق ،مما يعني اسقاطها من الايدي الايرانية ،وخروج ايران من المنطقة العربية وفقدان نفوذها في الشرق الاوسط عموما .
مواقف حسن نصرالله ما تزال تصدح في آذان الناس ،وهو يقول في كل خطاب له،ان وقف الحرب على الجبهة اللبنانية لن يتم الا بوقف العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة ،وان جبهة لبنان هي اسناد للمقاومة في غزة.
لكن يبدو ان هناك تغير طرأ على مواقف حزب الله من جبهة غزة،تغير اشبه بالتراجع عن مواقف استمرت اكثر من عام .
يشكل حزب الله العمود الفقري لمحور المقاومة المساندة للمقاومة في قطاع غزة ،واذا سقط هذا العمود على الارض ،فان المحور المساند كله سيرتمي ارضا.
اسرائيل لم تحقق نصرا عسكريا في الميدان ،لا في قطاع غزة ولا في جنوب لبنان،ومبررات اي تنازلات لن تكون مقنعة ،رغم ان العدوان الاسرائيلي الحق اضرارا هائلة ،وقتل وجرح عشرات الالاف من المدنيين الفلسطينيين واللبنانيين،وخاصة الاطفال والنساء.
اتفاق انهاء الحرب على لبنان ،لن يكون ثنائيا بين لبنان واسرائيل،بل سوف يكون لايران علاقة مباشرة به ،وخاصة البرنامج النووي الايراني ،والعقوبات المفروضة على ايران ،والصراع الايراني الاسرائيلي الظاهر،كل هذه الامور سيكون لها مساحة واسعة في الاتفاق المرتقب.
اكبر واخطر الملاحظات على اي اتفاق بين حزب الله واسرائيل ،واكثرها اثارة للجدل والشك والريبة ،عدم شمول الاتفاق لجبهة غزة ،لان ذلك يعني نجاح نتنياهو في تفكيك محور المقاومة تمهيدا لدفن هذا المحور.