الأخبار

عمران السكران : الأردن بين التهديدات السيبرانية والإنجازات العالمية

عمران السكران : الأردن بين التهديدات السيبرانية والإنجازات العالمية
أخبارنا :  

في عصر التحول الرقمي السريع، بات الأمن السيبراني أحد أبرز التحديات التي تواجه الدول والمؤسسات على مستوى العالم، والأردن ليس استثناءً من هذا الواقع.. هل تخيلت يوماً أن الاقتصاد الوطني في الأردن قد يخسر 150 مليون دينار سنوياً بسبب الهجمات السيبرانية؟ نعم، هذا ما يحدث بالفعل. ولكن، لا تقلقوا! فالأردن في الطريق الصحيح لاحتلال المرتبة الـ27 عالميًا في تصنيف الأمن السيبراني، بعدما كان في المركز 71 قبل ثلاث سنوات. قفزة كبيرة؟.. أكيد.

هذا التحسن الكبير في التصنيف يعكس الجهود الحثيثة التي بذلتها الدولة على مدار السنوات الماضية، والتي شملت تشريعات جديدة، وتطوير بنية تحتية رقمية، وزيادة الوعي لدى الأفراد والمؤسسات حول أهمية الأمن السيبراني. من أبرز هذه الجهود كان إصدار قانون الأمن السيبراني رقم 16 لعام 2019، والذي شكل نقطة انطلاق لتطوير منظومة متكاملة لمكافحة التهديدات الرقمية. كما أن إنشاء المركز الوطني للأمن السيبراني ساهم بشكل كبير في تنظيم القطاع وتعزيز الاستجابة.

وقد لا يكون هذا كل شيء؛ فالاستثمار في الأمن السيبراني في الأردن أصبح ضرورة استراتيجية، لا سيما مع تزايد عدد الهجمات التي تستهدف كل شيء تقريبًا، من البنوك إلى الشركات الصغيرة التي لا يعرفها حتى جيرانها.

إذا كنت تظن أن الهجمات السيبرانية تقتصر على المؤسسات الحكومية فقط، فأنت مخطئ، فهي تطال الجميع: الكبار والصغار، الجادين وغير الجادين.

المثير في الأمر هو أن "النظام الجديد" لترخيص خدمات الأمن السيبراني، الذي أطلقه المركز الوطني، سيجعل الأردن في مصاف الدول التي تنظم هذه السوق الحيوية. فكل من يريد تقديم خدمة أمن سيبراني في المملكة سيحتاج إلى ترخيص من المركز، وهذا سيضمن عدم وجود أي "مخترقين هاويين" يتسللون بين صفوف المتخصصين.

أما في ما يخص التعاون الدولي، فالأردن لا يكتفي بالبقاء في دائرة الأمان السيبراني المحلية، بل يسعى جاهدًا لتعزيز علاقاته مع أكبر المؤسسات العالمية. لا يمكن للتهديدات السيبرانية أن تتوقف عند الحدود، ولذلك فالحفاظ على تلك الشبكات العالمية هو أولوية لا تقدر بثمن.

لكن رغم كل هذه الخطوات والإجراءات، تظل الحقيقة المؤلمة أن خسائر الهجمات السيبرانية لا تزال تضغط على الاقتصاد الأردني. ففي الوقت الذي نحتفل فيه بالقفزات العظيمة في التصنيف، نكتشف أن هناك "منطقة مظلمة" تتربص بجميع القطاعات. لكن لا بأس، لأننا في الأردن نؤمن بأن الحلول الكبيرة لا تأتي إلا بعد التجارب المريرة.

بالتأكيد، نحن في طريقنا الصحيح. فقط علينا أن نتذكر أن الطريق لا يزال طويلاً، وأن الأمن السيبراني ليس مجرد "تسلية تقنية"، بل هو حاجة حيوية نواجهها يوميًا، ولكنها تتطلب استمرار التطوير والتحسين. لا يقتصر الأمر على تحديث التشريعات والبنية التحتية فقط، بل يتطلب أيضًا تعزيز الكوادر البشرية وتعليم الأفراد في القطاعين العام والخاص كيفية التعامل مع هذه التهديدات.

إن التحديات متعددة، لكنها ليست مستحيلة التغلب عليها إذا تم الالتزام بالاستراتيجية الصحيحة، واستمرار الجهود المشتركة بين القطاعين الحكومي والخاص.

مواضيع قد تهمك