الأخبار

قصي حمدان الجمال : غياب الحوكمة وإدارة المخاطر: سبب رئيسي لارتفاع مديونية الجامعات الأردنية

قصي حمدان الجمال : غياب الحوكمة وإدارة المخاطر: سبب رئيسي لارتفاع مديونية الجامعات الأردنية
أخبارنا :  

تُعتبر قضية المديونية المتزايدة للجامعات الأردنية من القضايا البارزة التي تؤرق مختلف الأطراف المعنية بالتعليم العالي في المملكة. ويعزا هذا الوضع في جزء كبير منه إلى غياب الحوكمة الفعّالة وإدارة المخاطر، مما يؤدي إلى ارتفاع كبير في المديونية وتراكم الديون بشكل مستمر. لذا، من الضروري الوقوف على هذه الأسباب والعمل على إيجاد حلول شاملة تضمن استدامة واستقلالية المؤسسات الأكاديمية.

غياب الحوكمة

فالحوكمة الجامعية تعني وجود نظم وضوابط تساهم في إدارة وتوجيه الجامعات وفق معايير الشفافية والمساءلة، مما يضمن اتخاذ القرارات بشكل رشيد.

للأسف، في كثير من الجامعات الأردنية، تفتقر الحوكمة إلى آليات واضحة وفعّالة، مثل غياب الاستراتيجيات الواضحة للتوظيف، وغياب معايير محددة لمراقبة الأداء والتقييم، مما يجعل العملية الإدارية عُرضة للمحاباة والقرارات الفردية. إضافة إلى ذلك، فإن غياب الشفافية في التعيينات واستخدام الموارد يؤدي إلى تراكم النفقات غير الضرورية وغياب الاستدامة المالية.

ضعف إدارة المخاطر

فإدارة المخاطر تعني تحديد وتحليل وتقييم المخاطر التي قد تؤثر على استقرار الجامعة المالي وتوجيه القرارات بشكل يقلل من التأثير السلبي لهذه المخاطر. ومع ذلك، فإن العديد من الجامعات الأردنية تتجاهل هذه الخطوات، مما يتركها عُرضة للتقلبات الاقتصادية والمالية. فعلى سبيل المثال، تعتمد بعض الجامعات بشكل رئيسي على الرسوم الدراسية كدخل أساسي، دون تنويع مصادر التمويل، وهو ما يعرضها لخطر تقلب الطلب على التعليم العالي، مما قد يؤدي إلى انخفاض الإيرادات وتزايد المديونية.

نقص التخطيط الاستراتيجي

التخطيط الاستراتيجي هو حجر الزاوية في ضمان استدامة المؤسسات التعليمية على المدى الطويل. يلاحظ أن العديد من الجامعات تفتقر إلى خطط استراتيجية واضحة للتوسع الأكاديمي والبنية التحتية، وتقوم بالاستثمار في مشاريع دون دراسة جدوى دقيقة. هذا النقص في التخطيط يؤدي إلى تراكم الديون لتمويل مشاريع قد لا تحقق العوائد المرجوة، مما يزيد من الأعباء المالية على الجامعة.

التأثيرات السلبية على التعليم والبحث العلمي

نتيجةً لغياب الحوكمة وإدارة المخاطر الفعّالة، تواجه الجامعات الأردنية تحديات مالية كبيرة تؤدي إلى تقليص النفقات الموجهة للبحث العلمي وتطوير المناهج الدراسية. وهذا بدوره يؤثر على جودة التعليم، حيث تُجبر الجامعات على التركيز على الإيرادات السريعة بدلًا من الاستثمار في تحسين جودة التعليم والبحث.

ولتخفيف أعباء المديونية وضمان استدامة الجامعات الأردنية، يمكن النظر في التوصيات التالية:

1. تحسين الحوكمة: يجب تطبيق إطار عمل حوكمة قوي وفعّال يشمل تعزيز الشفافية والمساءلة، وتوفير آليات متابعة دورية لتقييم الأداء المالي والإداري.

2. تعزيز إدارة المخاطر: يجب على الجامعات تطوير خطط لإدارة المخاطر تشمل تحديد المخاطر المحتملة وتقييمها ووضع استراتيجيات للتعامل معها، وذلك للتخفيف من تأثير التقلبات المالية.

3. تطوير خطط استراتيجية طويلة الأمد: يُنصح بوضع خطط استراتيجية للتوسع الأكاديمي والمالي، مع دراسة جدوى دقيقة لكل مشروع قبل البدء به.

4. تنويع مصادر التمويل: يتوجب على الجامعات البحث عن مصادر تمويل جديدة ومستدامة، مثل الشراكات مع القطاع الخاص، وإنشاء برامج دراسات مدفوعة تستهدف الطلبة الدوليين، لضمان تدفق مستدام للإيرادات.

5. الاستثمار في البحث العلمي والتعليم: يجب على الجامعات توفير التمويل اللازم للبحث العلمي وتطوير المناهج بهدف تحسين جودة التعليم، مما يرفع من مستوى المنافسة ويدعم استقرار الجامعات ماليًا على المدى البعيد.

فإن غياب الحوكمة وإدارة المخاطر هو أحد الأسباب الرئيسية لتفاقم مديونية الجامعات الأردنية، مما يؤثر بشكل كبير على استدامتها وقدرتها على تقديم تعليم عالي الجودة. لهذا، من الضروري أن تعمل الجامعات بالتعاون مع الجهات الحكومية والقطاع الخاص على تنفيذ استراتيجيات تضمن حوكمة فعالة وإدارة مخاطر شاملة لتأمين مستقبل أفضل للقطاع التعليمي في الأردن.

مدرب الحوكمة وإدارة المخاطر والالتزام

ــ الراي

Qosai90j@Gmail.Com

مواضيع قد تهمك