ابراهيم عبد المجيد القيسي : شو رأيك بترشح العرموطي لرئاسة النواب؟
الخطوة ليست اختراعا سياسيا أردنيا، فقد سبق وأن أصبح عضو من جماعة الإخوان المسلمين رئيسا لمجلس النواب الأردني، حيث كان عبداللطيف عربيات من رؤساء مجالس النواب المميزين في التاريخ البرلماني الأردني، وأعتقد بأن المحامي صالح العرموطي من نفس الفئة بالنسبة لتصنيفات قيادات الإخوان، فهو برلماني وسياسي «مليء»، رغم الحدّة التي يسهل اعتبارها أحيانا مجرد استعراض يتقصى الشعبويات.
لكن دعونا نواجه الحقيقة، فخير الكلام ما يقال في وقته، فهل كانت جماعة الإخوان المسلمين يوما خارج إطار المشاركة السياسية؟ وهل هي فعلا تعاني اقصاء وتهميشا؟ كلنا نعلم ونفهم بأن هذا اللون السياسي الحزبي «متغلغل» في الدولة، كما هو في المجتمع، لكن السؤال بل قل التحفظ حول أدائه المتعلق بالمناورة السياسية، حيث يسهل على هذا الحزب التخفف من أعباء الاختبارات والمحاسبة العسيرة التي تواجهها الدولة، حيث يسهل على المعارضة أن تقول وتعيد وتزيد وتزاود على الحكومات التي لا تشارك فيها، وهذا المفهوم يتجلى في الملفات العامة الجدلية، أو التي تتبناها الدولة نتيجة لظروف وضغوطات وتحديات، ومسؤوليات لا يمكن للدولة أن تتعامل معها بخفة سياسية، وبهذا المعنى لم يتم اختبار جماعة الإخوان المسلمين اختبارا كاملا، تصبح معه المساءلة الشعبية حقيقية، فهم أبعدوا أنفسهم عن هذه الزاوية الحرجة، ليضمنوا خفة ورشاقة في المعارضة وتقصي الشعبوية، وهم في كل مرة ينجحون في اصطياد الفرص، لأنها فرص تتطلب ظواهر صوتية وعواطف أكثر مما تتطلب التزاما قانونيا سياسيا وأخلاقيا يكبل الحكومات، ويجعلها أمام مسؤوليات سياسية أكبر وأخطر من تلك التي تستخدمها المعارضات المتواجدة في الشارع.
لم تتعرض جماعة الإخوان المسلمين للمساءلة والمحاكمة العقلية الشعبية، على الرغم من مسؤوليتها السياسية أثناء مشاركتها في قيادة الحكومات، فعملية السلام مع الكيان الصهيوني واتفاقياتها، نضجت وأبرمت حين كانت الجماعة «شريكة» ومتواجدة في الحكومات التي وقعت على تلك العملية، واليوم نجد أول من يقف ويطالب بإلغاء تلك المعاهدات هم المعارضة التي تمثل الجماعة طيفا كبيرا منها، فهل حقا لا يوجد مسؤولية على جماعة الإخوان المسلمين في عملية السلام مع العدو الإسرائيلي؟
السؤال العنوان؛ يطرح علي شخصيا من كثيرين، وعندي حديث طويل نسبيا عن مجلس النواب وعن رئاسته وأدائه، قبل أن يظهر في الأخبار موضوع ترشح النائب المحامي صالح العرموطي لانتخابات مجلس النواب، ولو لم يكن بين المرشحين لرئاسة المجلس عضو من جماعة الإخوان أو من حزب جبهة العمل الإسلامي، لكان الحديث سهلا، يتحدث عن «التوازنات» التي نعتمدها في الدولة، عند تعيين القيادات السياسية، فرئيس النواب له علاقة بمن هو رئيس الحكومة، ومن هو رئيس مجلس الأعيان، ومن هي القيادات في مواقع أخرى، لكن عندما يترشح لرئاسة النواب في مثل هذه الظروف السياسية عضو من المعارضة، فهو موضوع يقلب كل الحسابات، ويغير في طبيعة الأولويات وقل التحديات أيضا.
هل الدولة تواجه ضغوطات حول ملفات مصيرية، كملف عملية السلام القديم، والذي تطلب آنذاك وجودا كثيفا لجماعة الإخوان المسلمين في الحكومة ومجلس النواب؟ وهذا سؤال سيجد من يؤيد مضمونه ويسقطه على «نجاح نواب حزب جبهة العمل الإسلامي بالانتخابات (الإخوان يشكلون ما نسبته 22% من أعضاء مجلس النواب)»، وفي حال كان الاستنتاج صحيحا، فالسؤال الأهم شعبيا هذه المرة، فعند الحديث عن أداء الدولة الأردنية في هذه المرحلة وانتقاده، هل سينسى الناس وجود المعارضة «الإخوان» بكثافة أو على رأس السلطة التشريعية في هذا الوقت؟!.
فقط في مثل هذه الظروف يمكن فهم الهويات السياسية الوطنية الحقيقية، وولاءاتها، و»فهمها» أو قل صدقها والتزامها بخطابها السياسي، وفي هذه المرحلة يمكننا أن نفرق بين أداء دولة ونظام سياسي وحجم مسؤولياته، وبين حزب أو فئة تبرع في توظيف العاطفة واصطياد الفرص لعلمها بأنها متخففة من أعباء المساءلة الشعبية.
وللمصداقية والمسؤولية سأكون سياسيا بدوري، ولن أقول رأيي كاملا بموضوع السؤال العنوان في مقالة واحدة. ــ الدستور