الأخبار

اسماعيل الشريف يكتب : الدرع البشري رشا

اسماعيل الشريف يكتب : الدرع البشري رشا
أخبارنا :  

«اليهود أسياد العالم، نحنُ اليهود آلهة على هذا الكوكب، نختلف عن الأجناس السفلية مثل اختلافهم عن الحشرات، في الواقع، إن الأجناس الأخرى مقارنةً بجنسنا تُعتبر بهائم وحيوانات، أو ماشية في أحسن الأحوال. الأجناس الأخرى كالفضلات البشرية، وقدر لنا أن نحكم الأجناس السفلية. سوف يحكم قائدنا في مملكتنا الدنيوية بقبضة من حديد، وستقوم الشعوب بلعق أقدامنا وخدمتنا كالعبيد.» – بيغن

نشرت عائلة الطفلة الشهيدة رشا العرعير وصيتها التي عُثر عليها بين أنقاض منزلها بعد أن قصفه الصهاينة المجرمون، مما أدى إلى استشهادها وأخيها أحمد.

كتبت رشا، ذات العشرة أعوام، وصيتها قبيل استشهادها، وجاء فيها:

«أرجو أن لا تبكوا عليّ، لأنني أتعذب عندما أراكم تبكون. أتمنى توزيع ملابسي على المحتاجين، وإكسسواراتي على رهف ولانا ومروان وبتول. يجب أن تذهب صناديق الخرز إلى بتول. أما مصروفي الشهري الذي يبلغ 50 شيكلًا، فأريد أن يذهب نصفه إلى رهف والنصف الآخر إلى أحمد. أود أن تحصل بتول على ألعابي. وأخيرًا، من فضلكم لا تصرخوا على أخي أحمد. أرجو الالتزام بالوصية.»

ما هذه الطفولة التي يلاحقها الموت في كل لحظة؟ كيف لأطفال في عمر الزهور أن يكتبوا وصيتهم بدل أن يحلموا بغدهم؟ وهل هناك غير أطفال غزة من يحملون عبء الموت على أكتاف براءتهم؟

نعلم يقينًا أنه لن يصرخ أحد على أحمد، فقد أمسك بيدها وهما يدخلان الجنة معًا، إذ استشهد بجانبها. أما تركتها، فلا نعلم كيف توزعت، ومن تبقى من بنات خالاتها وأعمامها ليستلمها، وربما استشهدوا هم أيضًا.

ظهرت هذه القصة التي ضجت بها مواقع التواصل الاجتماعي بعد أن نشرها خالها، عاصم النبيه، على حسابه في إنستغرام. وفي منشوره، ذكر الخال أن الطفلين الشهيدين قد نجيا من قصف استهدفهما قبل ثلاثة أشهر، وخرجا من تحت الأنقاض.

وهي قصة لا تختلف كثيرًا عن قصة الطفلة الشهيدة اللبنانية ياسمينا نصار، التي كتبت رسالة قالت فيها: «أتمنى أن أبقى بخير أنا وعائلتي.»

وهنالك آلاف القصص التي تدمي القلوب وتسرق الأرواح.

وهل تصدق؟ بعد عام من الإبادة الجماعية، لا يزال ساسة الغرب وإعلامهم يتبجحون بتبرير المجازر التي تُرتكب في غزة. ومن هذه التبريرات الزائفة أن المقاومة تستخدم الأطفال كدروع بشرية.

لكن فهمي للدرع أنه شيء يرتديه الشخص ليحمي نفسه، ولم أسمع يومًا أن الدرع يكون من لحم وعظم أطفال في عمر الزهور. بل في هذه الإبادة، الدرع هو الهدف ذاته، وهو التصريح المفتوح لقتل الأطفال والنساء دون رحمة.

ومن التبريرات أيضًا أن حماس تدير عملياتها من تحت المستشفيات ودور العبادة والمدارس، وهو ادعاء ثبت كذبه مرارًا. وبالمناسبة، قوانين الحروب تجرّم استهداف المدنيين والمستشفيات والمنازل ودور العبادة.

ومن أغرب التبريرات القول بأن المدنيين في غزة يتحملون مسؤولية انتخاب حماس عام 2006، وكأن أطفال الولايات المتحدة يتحملون مسؤولية انتخاب بايدن، الذي أثبت تورطه في الإبادة تمامًا كما نتنياهو.

ويتحدث الصهاينة بشكل واضح عن أن هدفهم هو الإبادة الجماعية لجعل غزة مكانًا غير قابل للحياة أو تهجير الغزيين. وهذا يتماشى مع استيلاء المستوطنين على 110 كم مربع من أراضي الضفة الغربية، وهو أعلى استيلاء منذ عام 1967.

هذه كلها حجج واهية لتبرير استهداف الأطفال، وهي جزء من سياسة واضحة ومكتوبة ومعترف بها، مثل «سياسة الضاحية» التي تبرر استهداف الحاضنة الشعبية لحزب الله، أو «قتل الأفاعي» و»قص العشب»، وهي مصطلحات صهيونية تتحدث عن قتل الأطفال وأمهاتهم لأنهم يعتبرون أن هؤلاء الأطفال هم مقاومو المستقبل. وكل تصريحات القادة الصهاينة منذ بداية الحرب تؤكد هذا التوجه بوضوح.

فالصهاينة، ومن ورائهم الغرب، لديهم تاريخ طويل في القتل والتطهير العرقي، ودائمًا ما كانت هناك حجج جاهزة مثل «الإرهاب»، و»حماس»، و»الدروع البشرية»، و»معارك الاستقلال»، لتبرير جرائمهم. حتى لو تطلب الأمر قتل أبناء جلدتهم لتحقيق أهدافهم. ــ الدستور

مواضيع قد تهمك