د محمد العزة يكتب : اليمين السياسي الاردني و الطريق إلى العبدلي
د محمد العزة
الدولة الأردنية و من خلال نجاحها بإجراء الانتخابات النيابية في موعد استحقاقها الدستوري أثبتت وبشهادة جميع المؤسسات و المنظمات المحلية والدولية المختصة والمعنية بالانتخابات و الديمقراطيات و قياس درجة مستوى تطبيق ادواتها و مفاهيمها التي شاركت في الرقابة عليها و متابعتها و حتى أطراف المعادلة المشاركين فيها من ناخبين ومرشحين ، الكل أشاد بنزاهة و شفافية خطواتها و نتائجها ، في رسالة بأن الاردن ماض قدما و مصمم بالمضي نحو الحياة الحزبية وفق مخرجات منظومة التحديث السياسية التي جاءت استجابة لرؤية ملكية سامية و مطالب شعبية للتعامل مع الواقع الحالي و تحدياته و صعوباته الراهنة وأحداثه المرحلية و تطوراتها المستقبلية وانعكاساتها على النواحي السياسية والاقتصادية و من قرارات تراعي المصلحة الأردنية كمتطلبات تحقق الحفاظ على ثوابت المواقف الأردنية ومسارها و توازنات العلاقة الأردنية الدبلوماسية وحساباتها.
هذه التجربة أيضا أعطت انطباعا و كشفت عن مستوى النضج التي وصلت له الأحزاب السياسية الأردنية لمفهوم العمل الحزبي البرامجي و الممارسة الحزبية على الأرض و مدى حاجتها إلى تقييم نتائج هذه العملية و الاستفادة منها للخروج بتوصيات لعمل مزيد من التحديث والتجويد في النوعية بما يخص نخبة العضوية و البرامجية لها .
في سياق تفسير وتحليل نتائج العملية الانتخابية النيابية وخاصة ضعف تمثيل اليسار الاردني فيها الذي كان أحد أسبابها و تواضع نتائج الوسط المحافظ و صعود اقصى اليمين السياسي الأردني الاخوان المسلمين ( جبهة العمل الإسلامي) الذي استفاد من الأحداث الإقليمية و سخرها في حصد أغلبية مقاعد عن حزب واحد وفي الحقيقة ليست كذلك ، وفي سياق الملاحظات انهم عبروا عن أنفسهم كتنظيم وليس كحزب سياسي وهذا ما عكسه الواقع العملي للغة الخطاب و منهجية الحملة الدعائية للانتخابات و الشعارات التي عانت من ضعف طرح البرامجية ، وان كان ما على واجهة الاعلانات هي الواجهة الحزبية الرسمية لهم .
لنقول هذا هو الاردن و ديمقراطيته و سياسته و توازناته التي أثبتت قوته و قدرته على إنجاح أولى تجاربه الانتخابية الحزبية بكل حرية وشفافية للتعبير عن خيارات قواعده الشعبية التي هي من ستتحمل مستقبلا المسؤولية ونتائج أداء هذا المجلس بقيادته الجديدة و إعادة ترتيب وتنظيم القوى الحزبية لصفوفها و حساباتها وتحسين ادائها وصولا إلى نضوجها و القدرة على التفاعل والتعامل الحقيقي مع الشعب و أطيافه و ملامسة أحتياجاته الكامنة القابعة في أعماق الصدور و جدول المطالب التي شكلت معايير ومواصفات شخصية النائب أو المسؤول في ذهنية المواطن الأردني الذي مازال في رحلة البحث عنه و يحاول إيجاده.
اقصى اليمين السياسي الاردني الذي يمثله حزب جبهة العمل الإسلامي (الاخوان ) ولا احد ينكر أنه احد أطراف الحياة السياسية الأردنية تاريخيا ونتيجة للخطاب الذي وجهه إلى الشارع الأردني بأن ينتخبه و يكلفه ليتصدى لخطاب اليمين الديني السياسي المتطرف في الكيان الصهيوني، فحصلوا عليه و صرح به أمينه العام ، لاحقا ليصرح مرشده العام بأن هناك من يقول انها رسالة سياسية من الدولة وغاية لها وليكن مادام يخدمها وليس كنتيجة لإفراز صندوق الاقتراع الذي ترك للخيارات الشعبية والهندسة الحزبية في تشكيل تركيبة مجلس النواب العشرين.
من هنا تقع على عاتق مسؤولية الاخوان كحزب سياسي وليس تنظيم اظهار براعتهم السياسية والدبلوماسية في إدارة المرحلة النيابية و شكل اكبر من التنوع في المرونة والثبات في المواقف والعناوين و الشعارات والبرامج التي أعلنوا عنها ، و السير على نهج التعددية في الشراكة السياسية ، والتخلي عن صورة سلطة التنظيم أو الحزب الواحد كأنطباع لطالما عرف عنهم كمعارضة فما بال اليوم وهم أغلبية نسبية ، و تقبل الرأي والآخر و و النقد من فرقاء السياسية لغاية تشكيل رؤيا عن المشهد العام والاطلاع على كامل الزوايا .
نريد التصدي والدفاع عن الاردن و ثوابته و مواقفه تجاه القضية الفلسطينية والاستدارة لمعالجة القضايا والملفات الداخلية التي ينتظر المواطن حلها ولكن لا نريد دفع الاردن الى مواجهات بالإعتماد على حسابات لا نملك ادواتها ولا ثمنها .
الحزب الاقوى أو اللون السياسي الاقوى مصلحة خاصة و الاردن اقوى شعار لمصلحة عامة التي تصب في خدمة الحفاظ عليه عزيزا كريما آمنا مطمئنا مستقرا.