د . فيصل غرايبة : مامسر والعطاء المستمر

كان المرحوم الدكتور محمد خير مامسر من الوزراء، الذين كنت أحب أن أدخل مكاتبهم، عندما كانوا وزراء للتنمية الاجتماعية، اثناء عملي في تلك الوزارة، او عميدا لكلية الخدمة الاجتماعية، التي ترتبط بهذا الوزير ويرأس مجلس ادارتها، كما أنه كان من الوزراء القلائل الذي يكررون زيارتها ويرعون فعالياتها، التي تقام بين الحين والآخر، ويهتم بالتفاعل والحوار مع مرتاديها أو العاملين فيها في مختلف المناسبات، وكان مهتما أن يصغي ويلاحظ، سعيا لاستحداث اي جديد وتشجيع اية خطوة لتطوير العمل وزيادة فاعليته. وكان الدكتور مامسر رحمه الله حريصا دائما، أن يسأل عن مختلف الجوانب المتصلة بالعاملين، سواء من حيث انتاجهم، او من حيث ارتياحهم وحماسهم للعمل، بما يحقق مصلحة المستفيدين من الخدمة أو مصلحة الوطن.
تعرفت الى الدكتور مامسر منذ حضوري الى عمان واقامتي فيها والتحاقي باول وظيفة لي بعد التخرج في مؤسسة رعاية الشباب 1968، وكان يتردد عليها تبعا لاهتماماته بالرياضة والمباريات، وخاصة عندما اختاره الأمير رعد بن زيد المدير العام للمؤسسة والشريف فواز شرف الأمين العام للمؤسسة، لتولي الاشراف الفني على مخيم الشباب الدولي، الذي اقيم بالمقر الدائم للمخيمات في عجلون، وكان أول مخيم يقام في الموقع المستحدث، وفقا لتوجيهات الملك الباني الحسين بن طلال طيب الله ثراه، ليكون منبرا للصمود الأردني وتوصيل الرسالة الأردنية الى العالم أجمع، في اعقاب حرب حزيران 1967.
زاد من تعرفي على شخصية الدكتور مامسر، انني كنت التقيه ببيت شقيقي المؤرخ عبد الكريم غرايبة، وهو يجاوره في مشروع اسكان اساتذة الجامعة الأردنية، واسلمه نسخا من مؤلفاتي حين صدورها، فيهتم بالاطلاع عليها، ويبدي رأيه حول ما جاء فيها.
وعندما اصبح الدكتور مامسر، وزيرا للتنمية الاجتماعية، كان يحرص على توزيع الأدوار على المعنيين من موظفي الوزارة، ويصطحبهم في جولاته الميدانية وفي مختلف أنحاء المملكة، وكان لي نصيب فيها بزيارة مناطق نائية في المملكة كوادي عربة والحسا والأزرق، وفي الوقت نفسه كان مامسر زاهدا في السفر الى الخارج، محبذا ايفاد غيره في المؤتمرات والاجتماعات العربية والدولية، وكنت ممتنا منه ذات مرة، يوم انتدبني لحضور مؤتمر دولي عقد في المدينة الألمانية همبورغ، تناول تنمية المجتمعات المحلية ونظمته منظمة الأمم المتحدة للثقافة والتربية والعلوم – اليونسكو- فكانت لي مهمة رسمية مبنية على الثقة وقدمت فيها ورقة عن النموذج الأردني في تنمية المجتمع، فضلا عن زيارة المانيا لأول مرة.
لقد ارسى محمد خير مامسر قواعد رعاية الشباب ونشاطات الطلبة في الجامعة الأردنية منذ تأسيسها، حتى اصبحت عمادة مستقلة توازي غيرها من العمادات والكليات، واعير لجامعة اليرموك وجامعة العلوم والتكنولوجيا ومن ثم لجامعة مؤتة عند تأسيس هذه الجامعات. وظل طوال عمله وحياته منتجا فاعلا، متعاونا مع الآخرين رؤساء ومرؤوسين، ومحبا لبلده، ومهتما بالطلبة المغتربين والوافدين الى هذا البلد الأمين. ــ الراي
dfaisal77@homail.com