الأخبار

عبد الكريم سليمان العرجان : الانتخابات الرئاسية.. مستقبل المشهد السياسي في ظل ترامب (2)

عبد الكريم سليمان العرجان : الانتخابات الرئاسية.. مستقبل المشهد السياسي في ظل ترامب (2)
أخبارنا :  

في المقال السابق، تناولنا تأثير دونالد ترامب على المشهد السياسي الأمريكي وما حملته من استقطاب وانقسام بين الأحزاب والجماهير، في هذا الجزء، سنبحث بعمق في ظاهرة الناخب المتحول، ودوره المحوري في الانتخابات المقبلة، سنحلل كيف يمكن لتغير توجهات هذا الناخب أن يعيد تشكيل السياسة الأمريكية بشكل جذري، وما هي العوامل التي تؤثر في قراراته الانتخابية.

الناخبون المتحولون هم الفئة التي لا تنتمي بثبات لأي من الأحزاب السياسية الرئيسية، حيث تتأرجح أصواتهم بين المرشحين والحزبين الرئيسيين حسب القضايا والظروف الراهنة، يتميز هؤلاء الناخبون بأنهم غالبًا ما يكونون مستقلين وغير ملتزمين بأيديولوجيات ثابتة، تتأثر قراراتهم الانتخابية بعوامل متعددة، منها الأوضاع الاقتصادية، السياسات الخارجية، والمواضيع الاجتماعية الملحة.

دراسات متعددة أظهرت أن الناخبين المتحولين يشكلون حوالي 15-20% من مجموع الناخبين الأمريكيين، هؤلاء الناخبون غالبًا ما يكونون متعلمين تعليمًا جامعيًا، وينتمون إلى الطبقة المتوسطة، ويميلون إلى الانخراط في مجالات العمل الحر أو الصناعات التقنية، مثلًا، في دراسة أجرتها مؤسسة «بيو» للأبحاث عام 2020، تبين أن الناخبين المتحولين يركزون بشكل كبير على القضايا الاقتصادية والرعاية الصحية، ويعطون اهتمامًا أقل للقضايا الأيديولوجية مثل الهجرة والسياسات البيئية.

لطالما لعب الناخبون المتحولون دورًا حاسمًا في الانتخابات الأمريكية، فعلى سبيل المثال، في انتخابات عام 2000، كانت أصواتهم في ولاية فلوريدا مفتاح الفوز لجورج بوش الابن، حيث فاز بفارق ضئيل جدًا بلغ 537 صوتًا فقط، وفي انتخابات 2016، كان لترامب الفضل في استمالة شريحة كبيرة من الناخبين المتحولين في ولايات الحزام الصدئ مثل بنسلفانيا وميشيغان، مما ساعده على تحقيق الفوز على هيلاري كلينتون.

شكلت سياسات وخطابات ترامب تأثيرًا كبيرًا على الناخبين المتحولين، فقد نجح ترامب في استمالة فئة كبيرة منهم من خلال وعوده بالاهتمام بالقضايا الاقتصادية والهجرة، ولكنه في الوقت نفسه، تسبب خطابه الاستقطابي في نفور بعض الناخبين المتحولين، الذين بحثوا عن بدائل أكثر اعتدالًا، على سبيل المثال، في دراسة أجرتها جامعة كاليفورنيا، سان دييغو عام 2018، تبين أن الناخبين المتحولين الذين تأثروا بخطاب ترامب الاقتصادي كانوا أكثر ميلًا لدعمه، بينما الناخبون المتحولون الذين تأثروا بخطابه الاجتماعي كانوا أقل ميلًا لدعمه.

مع اقتراب انتخابات 2024، يصبح جذب الناخبين المتحولين هدفًا استراتيجيًا رئيسيًا للمرشحين، يجب على المرشحين تقديم سياسات تلبي احتياجات هذه الفئة، مثل تحسين الأوضاع الاقتصادية وتوفير وظائف جديدة، وكذلك التوازن في القضايا الاجتماعية والسياسات الخارجية. قد يعتمد نجاح المرشحين بشكل كبير على قدرتهم في إقناع الناخبين المتحولين بأنهم الخيار الأفضل لتحقيق استقرار ونمو البلاد، دراسة أخرى أجرتها مؤسسة «بروكينغز» عام 2023، أكدت أن الناخبين المتحولين يرغبون في رؤية سياسات تدعم النمو الاقتصادي المستدام وتوفير الرعاية الصحية الشاملة.

يُذكر أن انسحاب جو بايدن من الانتخابات لم يكن نتيجة لتصريحات دونالد ترامب بشكل مباشر. جاء القرار نتيجة لعوامل متعددة تتعلق بصحته وتقدمه في العمر، بالإضافة إلى الأوضاع السياسية والاقتصادية الراهنة. في هذا السياق، لا يمكن تجاهل أن تصريحات ترامب قد أثرت بشكل غير مباشر على البيئة الانتخابية، مما زاد من الضغوط على بايدن، إلا أن القرار النهائي لبايدن بالانسحاب جاء بناءً على تقييم شامل للوضع الراهن، والذي أخذ بعين الاعتبار قدرته على إدارة الحملة الانتخابية المقبلة بفعالية والقيام بمهامه الرئاسية في حال فوزه، هذا التقييم شمل أيضًا مشاورات مع مستشاريه وأعضاء الحزب الديمقراطي، الذين رأوا أن استمرار بايدن في السباق قد يكون تحديًا كبيرًا في ظل التغيرات الديناميكية في السياسة الأمريكية وتطلعات الناخبين المتحولين.

يلعب الناخبون المتحولون دورًا حاسمًا في تشكيل المستقبل السياسي الأمريكي، بقدرتهم على تحويل دفة الانتخابات، يصبح فهم احتياجاتهم ومخاوفهم أمرًا بالغ الأهمية لأي مرشح يسعى للفوز، بالنظر إلى تأثيرهم الكبير، سيظل الناخبون المتحولون محورًا رئيسيًا في الانتخابات الأمريكية المقبلة، مؤثرين على السياسات والاتجاهات السياسية لسنوات قادمة. ــ الراي

مواضيع قد تهمك