الأخبار

اسماعيل الشريف يكتب : طوفان الأقصى وتفوق التلميذ على أستاذه

اسماعيل الشريف يكتب : طوفان الأقصى وتفوق التلميذ على أستاذه
أخبارنا :  

«بعد أن نصبح قوة قوية سنلغي التقسيم، ونتوسع ليشمل فلسطين كلها، سيتعين على الدولة أن تحافظ على النظام، ليس عن طريق الوعظ، ولكن بالبنادق الآلية»، بن غوريون.
يعد «يوسف فايتز» من الشخصيات الصهيونية التي أثارت جدلاً واسعًا، حيث يعتبر أحد الآباء الشياطين المؤسسين المغتصبين لفلسطين، فارتبط اسمه بشكل وثيق بعمليات الاستيلاء على الأراضي الفلسطينية وتهجير أهلها، وهو الأب الروحي ومهندسٌ لسياسات الإبادة الجماعية التي مارستها الحركة الصهيونية ومازالت تمارسها دولة الاحتلال.
في عام 1940عبّر فايتز عن رؤيته المتطرفة لِمُستقبل فلسطين من خلال كتاباته، حيث دعا إلى تهجير شامل للسكان العرب من الأراضي الفلسطينية، مؤكدًا على استحالةالتعايش السلمي معهم، ولابد من تهجيرهم قسرًا، كي تصبح البلاد لنا بدونهم، لا مجال للتسويات، ولا سبيل إلا نقلهم إلى الدول المجاورة، فلا يجب ترك قرية واحدة ولا قبيلة واحدة.
هذا الشيطان ولد في روسيا عام 1890 وهاجر إلى فلسطين 1908، وانخرط بشكل فعال في الحركة الصهيونية، فانضم إلى الصندوق القومي اليهودي وأصبح رئيس قسم الاستيطان، فركز على شراء الأراضي من العرب، إلاّ أنه سرعان ما أدرك أنّ هذا النهج وحده لا يكفي لتحقيق حلم إقامة دولة يهودية، فدعا إلى اقتلاع العرب الفلسطينيين واستئصالهم من الجذور، مُعتبرًا إياه الحل الوحيد لِضمان هيمنة صهيونية كاملة على فلسطين -بدأت أفهم جوهر المعجزة التي يجب أن تحدث مع وصول المسيح - ثم ترأس لجنة الترحيل عام 1948 وهو تعبير مخفف للتطهير العرقي.
كان من أهم إنجازات فاينز هو ما سُمّي بـ»قائمة ملفات القُرى»، وهي عبارة عن سجل تفصيلي لكل قرية، وموقعها الطبوغرافي وطرق الوصول إليها ونوعية الأراضي الزراعية وينابيع المياه والمصادر الرئيسية للدخل والانتماءات الدينية وأعمال السكان وعدد الرجال ومستوى مشاركتهم في التصدي للمخططات الصهيونية.
ثم وضع الخطة «د»؛ وهي تقوم على الترهيب الواسع للقرى الفلسطينية وحصارها، ثم قصفها وإشعال النيران في البضائع والممتلكات، وطرد السكان وارتكاب المجازر وزرع الألغام لمنع السكان من العودة.
يكتب بعد أن شاهد مذبحة صهيونية: لقد فوجئت بعدم تحرك شيء في داخلي بعد رؤية ذلك، لا ندم لا كراهية، فهذه طريقة العالم!
لا يزال إرث يوسف يُلقي بظلاله على الفكر الصهيوني المعاصر، ويتجلى ذلك بوضوح في الاقتراح الذي صاغته وزارة المخابرات لطرد سكان غزة ودفعهم نحو مصر، كما تعكس اللغة العنصرية المستخدمة من قبل الساسة الصهاينة التي برزت جليةً خلال معركة طوفان الأقصى - مثل: «نحن نقاتل حيوانات بشرية»، و»هي معركة بين الحضارة والهمجية»، و»لا يوجد فلسطينيون»... وعشرات التصريحات الأخرى– تعكس استمرار التوجه العنصري الـمُتأصل، كما تُعدّ نموذجًا صارخًا على تأثيره البالغ على الممارسات الصهيونية المعاصرة.
وقد يكون التلاميذ تفوقوا على أساتذتهم، فيكشف تقرير صادِر عن المرصد الأوروبي لحقوق الإنسان عن وحشية جديدة تفوق الخيال تُمارسها قوات الاحتلال لتقنيات جديدة لقنص السكان المدنيين في مخيم النصيرات في وسط غزة، في إطار الإبادة الجماعية التي تجرى هناك.
ووفقًا للتقرير، فقد لجأت قوات الاحتلال إلى استخدام طائرات مسيرة من نوع «كوادكابتر» لإصدار أصوات مسجلة تُحاكي بكاء الأطفال الرضع وصراخ النساء وأصوات الانفجارات، هدفت هذه الخدعة الشيطانية إلى دفع السكان المدنيين إلى الخروج من منازلهم، ظنًا منهم أن هناك أطفالاً أو نساءً بحاجة إلى المساعدة، ليقعوا بعد ذلك ضحايا لعمليات القنص المتعمّدة، وتُشير شهادات سكان المخيم إلى سماعهم لهذه الأصوات المُفجعة، ما دفع البعض منهم إلى الخروج من بيوتهم لنجدة من يظنّون أنّهم بحاجة إلى المساعدة، ليُصدموا بحقيقة الأمر ويقتلوا بدم بارد.
وتتضمن التسجيلات أصوات إطلاق نار واشتباكات، وأحيانًا أغاني عربية وعبرية تهدف للترهيب النفسي لمدنيين يعيشون في ظلام دامس وصعوبة في التواصل مع العالم الخارجي. لا يوجد مسمى لهذه الأفعال سوى: «الإبادة الجماعية والإعدامات خارج القانون»، تُجرم هذه الأفعال بموجب كافة القوانين الدولية، التي لم تُثبت الحرب سوى كونها أداة لمعاقبة الدول الفقيرة وإخضاعها، بينما يتمتع الغرب والصهاينة بحصانة مطلقة من المساءلة، وكأنهم فوق كل هذه القوانين.
كما وثق عشرات الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي التسجيلات الصادرة عن الطائرات الصهيونية المسيرة، وحذروا الناس من الخروج من منازلهم حتى لا يتم استهدافهم.
شاهدنا مئات المجازر التي ارتكبها جيش البامبرز في غزة والمقابر الجماعية، كما شاهدنا الجنود وهم يتحولون إلى وحوش متعطشة للدماء، فيرقصون فرحًا على قتل الأطفال وتدمير المنازل، وينتهكون الحرمات بارتداء الملابس الداخلية للنساء، ولم تقتصر جرائمهم على ذلك، بل امتدت إلى اغتيال عشرات الصحفيين بدم بارد، خنقًا لأصوات الحقيقة.
لكن ما فاق كل تصور وكل خيال، حتى في أفلام هوليوود وبوليوود، هو استخدام الطائرات لتسجيل أصوات بكاء الرضع، لِيُصبح صراخهم سلاحًا يُستخدم لكسر إرادة شعب غزة وإخضاعه.
لا توجد كلمات تُعبّر عن حجم هذه المأساة، ولا وصف يُمكنه أن يُحيط ببشاعة هذه الجرائم، فما فعلوه في غزة هو وصمة عار على جبين الإنسانية، وعار على كل من يقف متفرجًا على هذه الفظائع دون أن يُحرك ساكنًا.
والمؤسف أنه مع كل أخبار المجازر والمشاهد المروعة التي تُدمي القلب في غزة، يخرج علينا الساسة الأمريكان -أبناء عمومة يوسف فايتز- فيصرحون بأنه لا توجد أدلة كافية على ارتكاب الدولة المارقة للإبادة الجماعية في غزة.
إن روح يوسف فايتز ما زالت تحلق في فلسطين المحتلة! ــ الدستور

مواضيع قد تهمك