الأخبار

بشار جرار : عـتــه العـتــاة

بشار جرار : عـتــه العـتــاة
أخبارنا :  

وقانا الله شر الأمراض كلها وأشدها وطأ ما أصاب منها مفرق اللحم والعظم، ألا وهي الروح وما ينبثق عنها من صحة عقلية ونفسية.

من الأمراض العقلية التي تثيرها وتفاقمها المؤثرات العقلية وهي السموم المسماة المخدرات، البله والعته. والفارق بينها ليس دائما واسعا سحيقا، فقد صار في هذا الزمان شعرة أو لعله نصل شفرة قادر على استشعارها وتحويله بانسلال إلى شعيرات أرق وأدق.

من جميل لغتنا وتراثنا التفريق اللغوي الذي يعبر عن الفوارق الطبية والقانونية للبله والعته. وحده هذا الأخير -العته- الذي يصنع العتاة وهو عينه مزيلهم لا محالة إن لم يتوارَ هم بأنفسهم خجلا عن الأنظار.

التاريخ، ظلموه بالقول إنه لا يرحم، فبه النجاة إن كان من قارئ يعي ما يقرأ، فيعي ما يقول، ومن قبل يعي ما يخالج صدره من مشاعر ويجوب رأسه من أفكار. علّمنا التاريخ البشري وتاريخنا نحن في مهد رسالات السماء، الكثير من العبر. تراثنا الروحي زاخر حافل ب «أحسن القصص» عن أمم مضت بكل ما لها وما عليها. وحده التاريخ ينصف الجميع أمام الديّان سبحانه، وأمام السائرين على هدي نوره.

ومن لم يجعله التاريخ القديم راشدا، من باب أولى أن يرده إلى جادة الصواب التاريخ الحديث. أولم تكفنا تجارب من حولنا مثلا في طوفان الدماء الذي سفكته أدوات «الفوضى الخلاقة والربيع العربي» المشؤومين؟ أوليس فيما مررنا به من أحداث خلال عقود الأربعينيات وحتى السبعينيات، كافيا لتفادي كل تيار جارف لا يودي بالجميع إلا بالتهلكة، عبر طوفان بلا طود أو تسونامي بلا مرساة؟

لم تجلب مسيّرات العدو القريب والبعيد المخدرات ومن قبله الإرهاب فقط، بل تسعى بهتافاتها ومناشيرها ومجاميعها عبر الأوكار العنكبوتية إلى نقل المعركة الى ساحتنا بعد سقوط مقولة محورهم! ما معنى تداول منشورات تحض على أفعال إرهابية؟ من قال إن من فيه بله أو عته قادر على التفريق بين الساحات وبين من هم المستهدفون في ثقافة الكراهية وخطاب التشدد فالإقصاء فالعنف اللفظي فالإرهاب الإلكتروني فالميداني عبر هتافات لا علاقة لها بأي من معايير تلك المنظمات والتنظيمات المشبوهة والمنغمسة حتى الأذقان في مراتع الرذيلة والفوضى والإرهاب. لا هي بوطنية ولا هي بدينية ما هي إلا تخريب ينبغي استئصاله من جذوره الشيطانية فهذه العته هو من استجلب شرور العتاة داخليا وخارجيا، والعبرة في النظر في ما مضى.

ها هي معركة الكرامة قد مرت ذكراها المباركة الأسبوع الماضي، ومن بعد انتصارها الأردني الخالص، إرادة سيدنا الحسين طيب الله ثراه ومن حوله جيشه وشعبه يبنى على الإنجاز الوطني فيطهّر البلاد ويخلّص العباد ممن سولت لهم أنفسهم المريضة وتنظيماتهم الشقية بالتطاول على الدولة وتجاوز القانون والعرف.

أيا كانت نتائج حرب السابع من أكتوبر، لن تكون أبدا على حساب مكانة الأردن وأمنه وأمانه، ذاك خط أحمر كما أكد مرارا القائد الأعلى جلالة سيدنا، نصره الله على العتاة كائنا من كانوا.. ــ الدستور

مواضيع قد تهمك