الأخبار

هيا عربيات : وفاء لأمي

هيا عربيات : وفاء لأمي
أخبارنا :  

اكبر وأنا عند أمي صغير وأشيب وأنا لديّها طفل هي الوحيدة التي نزفت من أجلي دموعها ولبنها ودمها نسيني الناس إلا أمي عقّني الكل إلا أمي تغيّر عليّ العالم إلا أمي الله يا أمي حملتني بين الضلوع أيام الآلام والأوجاع ووضعتني مع آهاتك وزفراتك وضممتني بقبلاتك وبسماتك الله يا أمي.

لا تنامين أبدا حتى يزور النوم جفني ولا ترتاحين أبدا حتى يحل السرور علي إذا ابتسمت ضحكت ولا تدرين ما السبب وإذا تكدّرت بكيت ولا تعلمين ما الخبر تعذرينني قبل أن أخطئ وتعفين عني قبل أن أتوب وتسامحينني قبل أن أعتذر الله يا أمي

أنا قضيّتك الكبرى وقصتك الجميلة وأمنيتك العذبة تحسنين إليّ وتعتذرين من التقصير وتذوبين عليّ شوقا وتريدين المزيد يا أمي: ليتني أغسل بدموع الوفاء قدميك وأحمل في مهرجان الحياة نعليك

يا أمي كيف أردّ الجميل لك بعدما جعلت بطنك لي وعاء وثديك لي سقاء وحضنك لي غطاء؟ كيف أقابل إحسانك وقد شاب رأسك في سبيل إسعادي ورقّ عظمك من أجل راحتي واحدودب ظهرك لأنعم بحياتي

كيف أكافئ دموعك الصادقة التي سالت سخيّة على خدّيك مرة حزنا عليّ ومرة فرحا بي لأنك تبكين في سرّائي وضرّائي؟ يا أمي أنظر إلى وجهك وكأنه ورقة مصحف وقد كتب فيه الدهر قصة معاناتك عندما فقدت أخيك الملازم الأول سليمان عبد الرحمن محمد عربيات الذي ربيتّه وهو رضيع لوفاة أمك وتجوبين كل مناطق السلط منطقة منطقة تبحثين عن مرضعة له فكُنتِ بمثابة أم له الملازم الأول سليمان عبدالرحمن المحمد عربيات من مواليد ١٩١٢ تقريبا أكمل دراسته الثانوية ونجح بما يُسمّى بالمترك التحق بالجيش الأردني وعُرف بالشهامة والرجولة والشجاعة واسم أمه ثريا العواد كان رفيقا لحابس المجالي والذي كان برتبة ملازم ثاني حينها سنة١٩٤٢ حين هبّت عاصفة ثلجيّة في الأزرق وتحديدا في منطقة قيعان فذهب حابس لإحضار نجدة لإنقاذ صاحبه وعندما وصله وجده قد تُوفي متجمدا من الثلج وحضر جنازته في العيزرية هو وكلوب باشا وقدما التعازي لوالده وعمه الشيخ عبد المهدي رحمه الله وغفرله

يا أمي أنت الوحيدة في العالم التي وفت معي يوم خذلني الأصدقاء وخانني الأوفياء وغدر بي الأصفياء ووقفت معي بقلبك الحنون بدموعك الساخنة بآهاتك الحارة بزفراتك الملتهبة تقبّلين تضمّدين تواسين تعزّين تسلّين تشاركين

ربّ اغفر لوالدي وارحمهما كما ربّياني صغيرا . ــ الراي

مواضيع قد تهمك