الأخبار

اسماعيل الشريف يكتب : طوفان الأقصى قصة الأنفاق

اسماعيل الشريف يكتب : طوفان الأقصى قصة الأنفاق
أخبارنا :  

«الضرورة أم الاختراع» أفلاطون.

قبل الخوض في هذا الموضوع علينا أن نتفهم مسألة مهمة: في عام 2017 رصدت الحكومة الأمريكية 860 مليون دولار لتشويه صورة كوريا الشمالية، وقد أسفرت تلك الجهود عن تصوير كوريا الشمالية في الغرب كدولة تعاني من المجاعة تحت قيادة زعيم متهور قد يضغط في أي لحظة على الزر النووي. ولكن، يتجاهل الغرب السبب الحقيقي لمعاداة كوريا الشمالية لهم وتصميمها على تطوير ترسانتها العسكرية، فالكوريون يخشون من تكرار ما حدث في عام 1950؛ حيث قُتل حوالي 20% من الشعب الكوري بفعل قنابل الولايات المتحدة، والتي كانت أكثر من مجموع القنابل التي ألقيت خلال الحرب العالمية الثانية.

استغل النظام الحاكم في كوريا الشمالية هذه التجربة المريرة وخوف الشعب من تكرارها لتعزيز سيطرته، وإحكام قبضته، وحول البلد إلى مصنع للأسلحة، وقد غسلت أدمغة الشعب بأن العدالة الاجتماعية هي المساواة في الفقر.

تعود قصتنا إلى عام 332 قبل الميلاد، عندما حفر أول نفق في غزة أثناء حصار المقدونيين لها، أما في التاريخ الحديث فقد بدأ حفر الأنفاق في غزة في الثمانينيات من القرن العشرين للربط بينها وبين سيناء المصرية، وكانت هذه الأنفاق تستخدم في البداية لأغراض التهريب، ثم بعد فرض الحصار على غزة توسع حفر أنفاق بدائية لتأمين احتياجات السكان في القطاع.

أما كيف أصبحت هذه الأنفاق على هذا المستوى من التقنية والحجم، فتلك قصة أخرى بدأت مع حزب الله:

- في أواخر الثمانينيات من القرن الماضي تحول حزب الله إلى قوة إقليمية بفضل الدعم العسكري الذي تلقاه من إيران، وبدأ الحزب في حفر أنفاق بدائية لمقاومة الاحتلال الإسرائيلي في جنوب لبنان، وتلقى تسليحًا من إيران وصواريخ بالستية من كوريا الشمالية، وكان الدافع وراء هذا التعاون بين كوريا الشمالية وإيران ماليًّا صرفًا.

- ثم تطور هذا التعاون بين كوريا الشمالية وحزب الله في مجال بناء الأنفاق، حتى اندلعت حرب 2006 وهُزم الصهاينة، ولعبت الأنفاق دورًا مهمًا في تحقيق هذا الانتصار.

- في أواخر تسعينيات القرن الماضي كان خبراء من كوريا الشمالية على الأراضي اللبنانية يشرفون مباشرةً على حفر الأنفاق في لبنان.

- بعد حرب 2006 توسع حزب الله في بناء الأنفاق، وتشير التقارير بأنه تم ربط بيروت بالجنوب، وأثارت هذه الأنفاق الذعر لدى الكيان بعد أن سرب حزب الكتائب معلومات عنها للصهاينة.

- عام 2008 كان عامًا فاصلاً في حفر الأنفاق في لبنان عندما تعاونت المؤسسة الشمالية للتعدين (كوميد) المملوكة لحكومة كوريا الشمالية مع مؤسسة الجهاد للإنشاءات المملوكة لحزب الله.

- في عام 2018 اكتشف الجيش الصهيوني ستة أنفاق داخل فلسطين المحتلة، وهو ما يشكل دليلًا واضحًا على التقدم التكنولوجي الذي حققه الحزب في حفر الأنفاق.

نقلت هذه التكنولوجيا المتقدمة أولاً بأول إلى غزة؛ حيث تمكنت من بناء حوالي 500 كيلومتر من الأنفاق في القطاع، وكان الأمرأصعب كثيرًا من حفرها في لبنان لوجود 2.3 مليون شخص يعيشون في مساحة ضيقة للغاية.

في عام 2001 بدأت غزة في استخدام الأنفاق عسكريًّا لأول مرة خلال الانتفاضة الثانية في عملية موجهة ضد جيش الاحتلال، وفي عام 2004 استخدمت في عملية انتقامية ضد الجيش الصهيوني وفي عام 2006 تم اختطاف الجندي الصهيوني شاليط من خلال الأنفاق مما أدى إلى زيادة استخدامها.

وفي عام 2007 توسعت حماس في الحفر وزاد استخدام الأنفاق لاحقًا في الأعوام 2012 و2014، وفي عام 2021 صدر تقرير يتحدث عن أن أنفاق حزب الله وحماس مشابهة لأنفاق كوريا الشمالية.

تُستخدم أنفاق حماس لأغراض متعددة، بما في ذلك التخزين والتدريب واحتجاز الرهائن وتنفيذ العمليات الهجومية أو الدفاعية ضد الاحتلال. ومن أهم أهدافها هو تخويف الصهاينة بأنهم قد يتعرضون للهجوم في أي مكان.

هذه الأنفاق قد تكون من أهم الوسائل التي ساهمت في الصمود الأسطوري للمقاومة أمام الكيان المحتل ومن خلفه الولايات المتحدة. ـــ الدستور

مواضيع قد تهمك