الأخبار

محمد خروب : «القلعة الصهيونية»: منطقة عازلة في غزة.. وأخرى في جنوب لبنان؟!

محمد خروب : «القلعة الصهيونية»: منطقة عازلة في غزة.. وأخرى في جنوب لبنان؟!
أخبارنا :  

في تجسيد للمخطط الصهيواميركي الجاري تنفيذه على نحو مبرمج وميداني يتمثّل من بين أمور أخرى في حرب الإبادة الجارية الآن, بزخم ناري وقذائف ثقيلة خاصة بالطائرات وأخرى للمدافع, زوَّدت بها إدارة بايدن دولة العدو الصهيوني, على نحو منحت فيه واشنطن الأولوية القصوى لربييتها الصهيونية، بما هي شُرطي المنطقة والدولة «الديمقراطية الوحيدة» في الشرق، صارفة أنظارها عن أوكرانيا، ليس فقط بعد الهزيمة المُذلة والمُتدحرجة التي يواجهها نظام زيلنسكي, الذي بات «يُقِرّ» الآن, أنه عاجز عن محاربة الجيش الثاني في العالم/ روسيا.

نقول: في تجسيد لكل هذه العدوانية الأميركية والكراهية الشديدة, التي تبديها واشنطن إزاء الشعب الفلسطيني عبر دعمها إحتلال أرضه, وتغاضيها منذ أزيد من نصف قرن عن المشروع الصهيوني الإستيطاني العنصري, بل اعترافها بالقدس عاصمة موحدة لـ"اليهود", كما ينص على ذلك قانون القومية الي تم إقراره منذ خمس سنوات 19(تموز 2018), دون أن تبدي أي إدارة بايدن كما إدارة ترمب معارضة لهذا القانون, الذي وصفته منظمات وجمعيات حقوق الإنسان بأنه قانون عنصري, إذ يمنح «اليهود» وحدهم حق تقرير المصير في فلسطين التاريخية (أرض إسرائيل الكاملة) ?ليس الكبرى, حيث إسرائيل الكبرى هي التي أظهر خريطتها مُجرم الحرب/نتنياهو, في كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في 23 ايلول الماضي تحت عنوان (الشرق الأوسط الجديد). وصفته بأنه/قانون القومية «قانون عنصري» ما يؤكد في الآن ذاته الطبيعة العنصرية للنظام الإستعماري الصهيوني.

في تجسيد للعدوانية العنصرية الرامية تكريس التفوق الصهيوني/اليهودي في المنطقة العربية وتمكين إسرائيل من دحر أعدائها عبر إحاطتها بجدار حديدي (تجسيداً لنظرية الجدار الحديدي الذي دعا اليه الصهيوني الفاشي/زئيف جابوتنسكي), تداولت وكالات الأنباء استناداً الى مصادر عربية، إقليمية ودولية, أن تل أبيب «أبلغتْ» عواصم وإقليمية «رغبتها» إقامة «منطقة عازلة» على الجانب الفلسطيني من حدود قطاع غزّة، وذلك بهدف «منع» هجمات عليها، وذلك في إطار مقترحات بشأن مستقبل القطاع في مرحلة ما بعد الحرب.

وإذ يصعب صرف النظر عن اقتراح خطير كهذا، وبعيداً عن رد فعل العواصم التي قيل أن تل أبيب أبلغتها بذلك، خاصّة أن حرب الإبادة الصهيوأميركية, ما تزال متواصلة بوحشية وعنف كبيرين, فإن المنطقة العازلة المقترحة صهيونياً ستكون في عمق لم يُحدّد بعد لكن الأكيد (حتى الآن) هو أنها ستكون على طول القطاع شمالاً وصولاً إلى رفح، مع ملاحظة أن (طول قطاع غزة يبلغ نحو40 كيلومترا ويتراوح عرضه بين خمسة كيلومترات و12 كيلومترا) الأمر الذي لا يمكن تجسيده على الأرض إلاّ (كما يقول مستشار نتنياهو/مارك ريغيف) استناداً إلى ثلاثة مستويات تت?من «تدمير حماس ونزع السلاح من غزّة والقضاء على التطرّف».

على المقلب الآخر، برز تطور لافت في توقيته وفي الجهة/الدولة التي وقفت خلفه, لكن عن هذه المرّة في جنوب لبنان قادته فرنسا (التي كانت تُوصف في لبنان الى وقت قريب «ماما فرنسا»). إذ أكّدت أوساط لبنانية حزبية وإعلامية، ان جان إيف لودريان مبعوث الرئيس الفرنسي ماكرون ووزير الخارجية الأسبق، المُكلف متابعة الملف الرئاسي اللبناني، أبلغ لودريان مسؤولين لبنانيين: (إقناع الدول الغربية بضرورة إقامة «منطقة عازلة» في جنوب لبنان بعمق يتراوح بين 20 و25 كلم عن الحدود الإسرائيلية, وهي منطقة جنوب نهر الليطاني, وان هناك–واصلَ لود?يان قوله للمسؤولين اللبنانيين–نقاشات حول «تحويل صيغة القرار 1701 الذي يؤكد ضرورة انسحاب حزب الله إلى شمالي الليطاني، وفق الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة). أي ما يُشرعِن التدخّل العسكري عبر قوات دولية.

دون إهمال ان هناك داخل لبنان قوى إنعزالية يتقدم صفوفها سمير جعجع رئيس حزب القوات اللبنانية/ لورد الحرب الأهلية السابق «وربما اللاحق», وأخرى محسوبة على ما يُسمَّى منظمات المجتمع المدني, تُجاهر بـالدعوة إلى سحب قوات حزب الله من جنوب لبنان ونشر الجيش اللبناني إلى جانب قوات اليونيفيل, وهي أي المطالب الغربية والقوى الإنعزالية اللبنانية يرفضها حزب الله رفضاً قاطعاً على قاعدة أن إنسحابه إلى منطقة شمال الليطاني, يجب أن «يتزامن» مع إنسحاب جيش العدو المسافة ذاتها عن الحدود اللبنانية.

ليس صدفة والحال هذه تزامن هذه الطروحات الاستعمارية الخبيثة, التي تروم إراحة الكيان الصهيوني, واغتنام «فرصة» حرب الإبادة الجماعية, ووجود حاملتي الطائرات الأميركيتين فضلاً عن البوارج والغواصات البريطانية/والفرنسية، لضرب أكثر من عصفور بحجر صهيوأميركي، خاصّة أن المستعمرين الغربيين بقيادتهم الأميركية, ما يزالوا يُحذّرون من توسيع الحرب الدائرة, ويلوحون بأن وجودهم قرب شواطىء فلسطين المحتلة انما يروم «ردع» أي محاولة كهذه.

ما يعني أيضاً ودائماً أننا أمام هجمة استعمارية غربية جديدة، تتقدم فيها الدولة الصهيونية الصفوف كغِطاء الحرب صليبية جديدة, من السابق لأوانه التكهّن بالمصير والمدى الذي ستنتهي إليه. ـ الراي

kharroub@jpf.com.jo

مواضيع قد تهمك