الأخبار

نادية ابراهيم القيسي : أم الشهيد.. ملحمة الصمود

نادية ابراهيم القيسي : أم الشهيد.. ملحمة الصمود
أخبارنا :  

عندما يأسرك مشهد.. فيثير فيك كل ما فيك من إنسانية.. قومية ووطنية.. تجد حبر أقلامك يسيل رغماً عنك ليخط ما يجيش به فؤادك ضاربًا بعرض الحائط كل تلك الاعدادات والاستعدادات التي بذلتها لكتابة مقال من نوع آخر.. فلا تبرح مخيلتك تلك العبارات.. ولا تغادرك تلك المشاعر الممزوجة بالفخر.. الدمع والاحساس الطاغي بالعجز عن نصرة الحق.

فهاهنا فلسطين.. تصدح فيها بصوت مفعم باليقين (كلكم إبراهيم.. كلكم أولادي).. لتشق كلماتها الحشود من حولها مجلجلة واصلة عنان السماء.. بابتسامة راضية مرضية ترتجي من الله القبول الأجر و الثبات إنه جبروت امرأة وليست أي امرأة إنها أم الشهيد (إبراهيم النابلسي) ذلك الفتى الفتي الذي لم يعانق العشرينات من العمر واعتنق عقيدة الأمة في الذود عن حقها الأزلي الخالد وزعزعة كيان غاصب جبان استخدم كل ما أوتي من قوة ليزهق روح شاب أرعب أوصالهم.. أقلق منامهم.. وأهدر دماءهم ليرتقي شهيداً مبجلاً تزفه أزاهيج أمه ودعواتها صابرة محتسبة عند الله أجرهما.. فكانت تلك العبارات أقوى من كل الضربات.. الرصاصات.. ووابل القذائف التي هاجمت بيوتهم فردت الصفعات بقوة جبارة في وجه المعتدي الآثم معلنة بكل انتصار.. هذه أرض فلسطين.. هذا شعبها الحقيقي المقاوم و أنا.. نحن و هن أمهات الشهداء.. حاملات العز و الفخر كنا و ما زلنا و سنبقى هاهنا ولادات لأبطال المجد لنحمي طهارة الأرض و نصون أمانة الرب في ملحمة الصمود السرمدي إلى يوم يبعثون.

يا أماه.. حملتيه من الرحم إلى المهد إلى اللحد.. بعنفوان و شموخ.. يا أم الشهيد.. أثكلتي القلوب.. بدموع لم نرها في عينيك ولكن سمعناها تعزف لحن الخلود في نبراتك الشجية.. وتلألأت للحظات على حين غرة في نظراتك المخفية.. إن القلب ليحزن و إن العين لتدمع و إنك وإن لم تنطقِ بها قولاً جهاراً نهاراً فإنك على فراق ابراهيم أنت ونحن محزونون وعلى كل من هم ابراهيم شهداء فلسطين.. فيد الغدر لم تنأ عن كل شبر من الأرض الطاهرة.. ميتمةً الأطفال.. مشردة العائلات.. مخلفةً الجرحى.. ومبكية الأمهات و الآباء ومبكية معهم شعوب أمة عربية لا حول لها و لا قوة.. إلا أضعف الايمان بالقول و القلب.. فهاهي الحشود تناجيك.. (يا أم الشهيد نيالك ريت أمي بدالك) ما أصعب أن لا تقشعر الأبدان سامعة هذا الهتاف من أفواه شباب لا يهاب الموت.. من أجل قضيته الأولى.. فلا يفرقهم.. دين.. طائفية.. جهوية.. أو أي نوع من أنواع العنصرية.. ولا يغزوهم فكر مستحدث بشعارات غبية وادعاءات المدنية المُقنعة للانحرافات اللا أخلاقية.. فحقوق أطفالهم.. هي الحياة برغم كل الدمار والتدمير.. طموح شبابهم الشهادة أو النصر.. وأحلام فتياتهم كيف ينجبن من رحم المستحيل و المعاناة أيقونات للعصر ليزدادوا رفعة و علواً في كل شأن فهكذا فقط تستمر بهم الحياة يوماً بيوم.

فلسطين.. توأم الوطن.. ملحمة الصمود.. قضيتنا الأولى.. التي ستبقى في أعيننا القرة.. في قلوبنا المهجة و في شراييننا تسري حباً كالدم.. فلسطين عشق الروح.. التي لن نتخلى عنها أبداً مهما اشتدت الضغوطات.. ازدادت الصعوبات.. وتلونت المساومات.. فنحن لها العضد تحت رايتنا الهاشمية العظيمة وبفضل قيادتنا الملكية الحكيمة التي كانت وما زالت و ستبقى السند و المستند لحقوق الشعب الفلسطيني في أرضه و سيادته عليها.. والدرع الحامي المناضل بالوصاية الهاشمية على المقدسات في القدس الشريف دائماً وأبداً. حفظ الله الأردن و فلسطين روحاً قلباً وجسداً واحداً برغم كل المحن و مهما طال الزمن.

و الله دوماً من وراء القصد

ــ الراي

مواضيع قد تهمك