الأخبار

نيفين عبد الهادي : حرية التعبير حق.. وأخذ حق ضحاياها حق

نيفين عبد الهادي : حرية التعبير حق.. وأخذ حق ضحاياها حق
أخبارنا :  

نيفين عبد الهادي :
يفتح الحديث عن حرية التعبير وإبداء الرأي والرأي الآخر أبوابا جدلية كثيرة، تحديدا في منح هذا الحق والذي كفله الدستور للصحافيين، ذلك أن حرية التعبير أو حرية الكتابة أساس من أساسيات الديمقراطية، وأبرز أدواتها، وفي هذا الجانب محليا حسم ملكي بقول جلالة الملك عبد الله الثاني بأن حرية التعبير سقفها السماء، بمعنى أن هناك ارادة سياسية عليا بمنح هذا الحق بشكل عملي.

وحتى لا تختلط التفاصيل بين الايجابي والسلبي بهذا المجال، ويخرج الحديث بشأنه من أي مساحات جدلية أو ضبابية، ولتبدو الصورة مثالية بعيدا عن مهبّ الأخطاء والعثرات يجب أن تكون الحرية مسؤولة، ذلك أن أسوأ أنواع الحرية هي «الحرية من المسؤولية» ففي ذلك اخفاق واضح في التعامل مع الآراء ووجهات النظر والمعلومات، وتضعها في خانة السلبية وتفتح الباب لمنعها والحدّ منها، وفي ذلك حق مشروع حماية للمصالح الوطنية ولحياة الأشخاص الخاصة وحتى العامة.

وبطبيعة الحال طالما كانت الحرية المسؤولة مصانة في الأردن، ومسيّجة بتشريعات جعلت من الصحفيين تحديدا فيما يخص قضايا المطبوعات والنشر في مأمن من أي عقوبات أو توقيف، فلم تشهد المحاكم أي قضايا بهذا الشأن منذ سنين، والحديث هنا عن الصحفيين ممن يكتبون في وسائل اعلامية وصحفية معرّفة بأنها صحف ووسيلة اعلامية، وليس فضاء افتراضيا واسعا بات مساحة تعبير للجميع، فضاء افتراضيا دخله من استهدف المملكة بالكثير من الهجمات الالكترونية مسّت الكثير من مؤسسات الدولة، مما يفرض ودون أي دخول بتفاصيل جدلية خروج هذا العالم من مفاهيم حريّة التعبير المصانة في وسائل الاعلام.

ما أريد قوله هنا أن الحديث عن حرية الصحفيين، وحرية التعبير على صفحات الصحف ورقية كانت أم الكترونية، وعبر وسائل الاعلام المختلفة مصانة تشريعيا، لكن عندما تدخل الأمور في تعبيرات وكتابات عبر وسائل التواصل الاجتماعي، والأكثر سوءا أن تمس جهات أو أشخاصا عندها الأمر يخرج عن شكله المهني، ويدخل في حق أشخاص، فكما ينادي البعض بحقهم في حرية التعبير، هناك آخرون ينادون بحقهم في الحماية من حرية الآخرين في نقدهم، ونيل حقوقهم بموجب القانون، وفي هذه المعادلة تغييب خلفية المُنتقد سواء كان صحفيا أو غير ذلك، فالجميع بهذا العالم الافتراضي يجب أن يكون تحت مجهر المحاسبة في حال اعتدى على حق غيره بنقد أو اتهامات لغايات الشهرة أو خدمة أجندات معينة أو لأمور شخصية.

عندما يتعرض الأردن عام 2021 لـ897 هجوماً سيبرانيَّاً موثَّقاً لدى المركز الوطني للأمن السيبراني، باستثناء الهجمات التي لم توثق وتتلقَّى الجهات المختصَّة إبلاغاً بها، 34 بالمئة منها مرتبطة بالمستخدمين، و27 بالمئة كانت من دول أو مجموعات مرتبطة بدول، و 26 بالمئة مرتبطة بالجرائم السيبرانية، و13بالمئة مرتبطة بالتنظيمات المتطرفة أو الإرهابية، وأن يكون خلف هذه الهجمات (40) دولة تستهدف مؤسسات أردنية، ووجود 4 بالمئة من الهجمات الالكترونية لأهداف تجسس وأخرى سياسية واقتصادية، مسألة خطيرة جدا، تتطلب عدم ترك هذا الفضاء دون رقابة ومتابعة ليس فقط رسميا وأمنيا إنما هي مسؤولية جماعية تجعلنا نبتعد عن جوهر القضية وننظر لقشورها، ففي ترك هذا الفضاء دون مسؤولية خطر يهدد الوطن والمواطنين، وتركه بحرية مطلقة يجعل منه قنبلة موقوتة يمكن أن تنفجر في أي وقت .

حقيقة أتعبها الترحال بين فترات زمنية تبرز على سطح الأحداث المحلية، بين الحين والآخر، متمثلة في الحريات الصحفية، والتي هي مصانة عملا لا قولا، والصحفي محصّن فيما يكتب عبر وسائل الاعلام، ولم يحدث منذ سنوات أن تم حبس صحفي على قضية مطبوعات ونشر، وحٌكم عليه، دون ذلك من حق أي شخص أن يحصل على حقه من أي شخص يعتدي على حقوق الآخرين، فكما من حق البعض أن يكتب، كذلك من حق من يساء له أن يحصل على حقه وفق ما يراه مناسبا، وفي ذلك حسم بأن حرية التعبير حق، ونيل حق المتضررين منها أيضا حق. ــ الدستور

مواضيع قد تهمك