الأخبار

خروب : هل «باع» الفلسطينيّون أرضهم؟.. اقرأوا جديد «الأرشيف الصهيوني»

خروب : هل «باع» الفلسطينيّون أرضهم؟.. اقرأوا جديد «الأرشيف الصهيوني»
أخبارنا :  

محمد خروب :


في غمرة موجة التطبيع المُتصهّينة/والمُتأسرِلة المُنفلتة من كل الكوابح والضوابط والمعايير السياسية والدبلوماسية والقانونية والأخلاقية, خصوصا في تبرير فِرية التصالح مع المشروع الصهيوني/الاستعماري/الاستيطاني/العنصري, والدعاية المُضلِّلة عن «بيع» الفلسطينيين أرضهم للصهاينة, وأنّهم (الفلسطينيّيون) في أماكن اللجوء والشتات إنّما يسعون إلى «التوطّن» في تلك البِقاع.

 

تروم كل هذه الأباطيل تشويه الرواية الفلسطينية, وها هي أخيراً وبعد طول حجب.. تأتي وثائق الأرشيف الصهيوني الذي استطاع معهد «عكيفوت» ويعني اسمه بالعربية «تقفّي الأثر»، المُتخصّص في بحث الصّراع الفلسطيني/الإسرائيلي وفق أسس جديدة, تقوم على كشف حقيقة الروايات وتوسّل حقائق تتيح تخفيف وتسوية الصّراع دون إهمال ما كشفه «المُؤرخون الجُدد"/تيار ما بعد الصهيونية في هذا الشأن, خاصة البروفيسور إيلان بابيه وكتابه الشهير.."التطهير العِرقي في فلسطين».

 

نقول: استطاع معهد عكيفوت وبعد تهديد باللجوء إلى المحكمة, لكشف وثائق عملت حكومات إسرائيل المُتعاقبة على إخفائها, بذريعة أنّ كشفها «يُشوّه» صورة إسرائيل أمام الرأي العام العالميّ، وينتصر للرواية الفلسطينية التي تتحدّث عن وقائع النكبة الفلسطينية، حيث أكّدت الوثائق التي نُشِرَت يوم الجمعة الماضيّ، أنّ مئات الألوف من الفلسطينيين الذين رحلوا عن وطنهم عام 1948، تعرّضوا لعملية طرد ولم يهربوا بسبب الخَوف.

 

هنا تسقط الرواية الصهيونية التي روّج لها -وما يزال- بعض العرب، بالإضافة إلى الصهيونية العالمية ورهط المؤيدين لها في العالم، بأنّ الفلسطينيين غادروا وطنهم طوعاً واستجابةً لقادة الدول العربية الذين وعدوهم بأنّ خروجَهم من أرضِهم لن يطول.

 

كذلك أكذوبة «بيع» الفلسطينيين أرضهم رغم سقوطها وتهافتها منذ أزيد من سبعة عقود على النكبة، خاصّة أنّها لو «صحّت» لكانت دولة الصهاينة أشهرت عقود البيع أمام العالم أجمع، وأمام الفلسطينيين أنفسهم الذين يرتفع لدى شيوخهم قبل شبابهم منسوب النّضال والتّصدّي لمخططات العدوّ، وأبرز دليل على ذلك هو فشل المُحتلّين إثبات أيّ ملكية لليهود قبل النكبة في مدن وبلدات فلسطينية، وفي مقدمتها القدس المحتلّة/حيّ الشيخ جرّاح، ناهيك عن الـ«قواشين ومفاتيح البيوت» التي يملكها فلسطينيو القدس الغربية المحتلّة، والتي لم تتعامل معها سلطات الاحتلال بجديّة أو اعتراف.

 

ثمّة ملفات ووثائق فُرضت عليها السرّيّة منذ 73 عاماً بقرارات لجان وزارية متعاقبة، رفضت وترفض «الرقابة» نشرها وبشكل خاصّ تُوصَف بأنّها «حسّاسة». إذ بدأ عمل تلك اللجان أثناء ولاية مناحيم بيغن العام 1977, بعد أن طلب مكتب رئيس الحكومة منع الاطّلاع على عشرات الملفات في وزارة كانت تحمل اسم «وزارة الأقليات», في السنوات الأولى بعد قيام دولة الكيان، مبرراً ذلك -مكتب بيغن - بأنّه «يوجد فيها ذِكر لطرد سكان عرب ومصادرة أملاكهم وأفعال قاسية نفّذها جنود».

 

لنأخذ بعض الأمثلة التي نشرها معهد «عكيفوت» بعد «إجباره» دائرة الأرشيف على كشف بعض الوثائق والملفات بموجب قانون حريّة المعلومات، وإن كان لم يُسمَح له الاطّلاع على مضمون هذه الوثائق, وإنّما على المواضيع التي يحتوي عليها «قِسم» من الوثائق..

 

ملف وزارة الأقليات: 1948/1949

 

المضمون: طرد العرب «أمور ليست لطيفة»، بحسب أمين المحفوظات في الأرشيف الإسرائيلي.

 

الوضع: قررت اللجنة الوزارية في العام 1985 أن تبقى الملفات سرّيّة وبناء على طلب أمين المحفوظات، سُمِح بالكشف عن 40 من بين 80 ملفاً.

 

(ليس معلوماً حتى اليوم ما هي الملفات التي بقيت سريّة, ويبدو أنّه لم يتمّ نشر معظمها)..

 

*تقرير ريفتين: 1948

 

المضمون: نتائج تقصّي حقائق طلبه رئيس الحكومة ديفيد بن غوريون حول سلسلة أحداث «حسّاسة", اشتُبه بها عناصر «الهاجناه» بارتكاب جرائم قتل وتعذيب وسطو ونهب.

 

الوضع: فرضت اللجنة الوزارية السرية على التقرير، مرّة تلو الأخرى، وأمين المحفوظات السابق دعا إلى نشر التقرير لكن اللجنة رفضت موقفه، وما يزال التقرير سرياً حتّى العام 2022، ونُشِرَت أجزاء منه عام 2018 لكن لم يتمّ الكشف بعد عن 35 ملحقاً فيه.

 

بحث عن اللاجئين: 1964

 

المضمون: تقريرٌ طلبه بن غوريون من باحثين إسرائيليين حول أسباب هروب اللاجئين.

 

الوضع: أيّد أمين المحفوظات النّشر، لكن أرشيف الجيش الإسرائيلي عارضَ ذلك، وهو مُصنّف أنّه «سرّيّ» حتّى العام 2022، بسبب التخوّف من المسّ بمكانة إسرائيل، ومن تأثير النشر على مفاوضات مستقبلية مع الفلسطينيين, أو على قرارات مؤسسات الأمم المتّحدّة المتعلقة بقضية اللاجئين.

 

ماذا عن مذبحة دير ياسين؟

 

هذا هو:

 

المضمون: تقرير «الهاجناه» عن المذبحة التي ارتكبها عناصر «الإتسل» و الليحي» في دير ياسين 1948 ويتضمّن الملف صوراً للضحايا.

 

الوضع: قرر المستشار القضائي عام 2000، «ألا يُفتَح» الملف للاطّلاع على المواد في هذه القضية المؤلمة والمشحونة، وصادقت اللجنة الوزارية على توصيته، ولاحقاً مُدّدت سرّيّته مرّة تلو الأخرى. وفي العام 2007 قرّرت اللجنة أنّ المشاكل المرتبطة بعلاقات إسرائيل الخارجية بالأحداث التي وقعت عام 1948 «لم تُحلّ» وفي العام 2010 رفضت المحكمة العليا التماساً طالب بالكشف عن الملف، وفي العام 2017 تمّ تمديد السّرّية إلى العام 2022.

 

أليس مُعيباً أن يُطلَب من الفلسطينيين أن يَنسوا... وأن يغفروا؟ ـ الراي


مواضيع قد تهمك