الأخبار

الرواشدة : فَليُسْعِدِ النُّطْقُ ...والحالُ أيضا

الرواشدة : فَليُسْعِدِ النُّطْقُ ...والحالُ أيضا
أخبارنا :  

حسين الرواشدة :


في ظل «الفزّاعات» التي كانت ترفعها الحكومات السابقة لتخويفنا من «الإصلاح السياسي» وإقناعنا بتأجيله ، دفع مجتمعنا «ثمنا» باهظا ، وأفرز أسوأ ما فيه ، وكدنا نصدق بأن «خيار» الأمن والاستقرار أفضل بكثير من خيار «التغيير» ، لكننا نكتشف الآن أن كل هذه «الفزّاعات» قد سقطت ، وأن أوهام «الهويات» الفرعية المتصاعدة والمتصارعة ، وأوهام «العنف» الذي قيل ان مصدره المجتمع ، ليست أكثر من ذريعة استخدمها البعض للحفاظ على مصالحهم والتغطية على فسادهم والاستمرار في «لعبتهم».
الآن نكتشف بأن «التحول الديمقراطي» هو الحل ، وهو الضمانة لحماية بلدنا واستقراره ، وهذا ما يفرض علينا أن نبدأ على الفور بالاستماع إلى مطالب الناس وتحقيقها ، والاعتراف بأن مجتمعنا بلغ سن الرشد ، وبأن روحه التي عادت لا تقبل ما هو أقل من الديمقراطية التي تعني ان يشارك الناس في إدارة شؤونهم وتدبير أمورهم بلا وصاية ولا مناورة ، ولا استدعاء لأولئك الذين كانوا سببا فيما وصلنا إليه من مآلات خطيرة
ومع ذلك مل زال لدى أغلبية الأردنيين العديد من أسباب الهواجس والقلق حول جدية ومصير الإصلاح في بلدنا،لا أتحدث فقط عن السياسة التي توقفت عجلتها لأسباب تبدو غير مفهومة ، وإنما أيضا عن الاقتصاد الذي لم تسعفه كل حزم الضرائب بالتعافي ، او الخروج من عنق الزجاجة او من غرفة الإنعاش كما كان يذكرنا بذلك معظم رؤساء الوزارات الذين مروا من الدوار الرابع.
السبب الأول هو أن ما جرى على صعيد بناء الثقة في الشهور خلال الفترة الماضية ولًد مزيدا من الفجوة وتراجع الثقة بين المواطن ومؤسساته، واعتقد أن أهم رافعة للإصلاح هي اعادة هذه الثقة، لا بمزيد من التصريحات والوعود، وانما بالأفعال والممارسات.
السبب الثاني يتعلق ببعض الممارسات الرسمية التي تتناقض بشكل لافت مع مرحلة التمهيد لمرحلة الإصلاح ، ولدى كل واحد منا عشرات الأمثلة على أن ما تمارسه بعض مؤسساتنا الآن لا يمكن فهمه إلا في سياق واحد وهو أنها لا تفكر بموضوع الإصلاح ولا يهمها مصيره.
أما السبب الثالث فهو أن البطء في تحديد برنامج زمني محدد وواضح للإصلاح، يستند الى ضمانات حقيقية لا مجرد وعود ، ثم الرهان على عامل الزمن ، وهو رهان أصبح مكشوفا ، يبعث برسالة الى الشارع فحواها ان ما يجري ليس أكثر من محاولة لامتصاص الاحتقانات الشعبية ، وعبور المرحلة او التكيف معها.
السبب الرابع هو أن ما شهدناه في الأشهر الماضية من سجالات وجدل حول أزمات وموضوعات حساسة جدا، يعني أمرين على الأقل: احدهما أن ثمة آخرين دخلوا على خط الإصلاح في الأردن، ولديهم أجندة تبدو مغشوشة ، وبالتالي فإننا أمام حالة جديدة من خلط الأوراق يفترض أن ننتبه إليها ونتعامل معها بحذر، أما الأمر الثاني فيتعلق بمحاولات تجري للربط بين الإصلاح كشأن داخلي وبين قضايا في الإقليم لها علاقة ببلدنا، واستحقاقات حان سدادها .
تحتاج هذه الأسباب، وغيرها، بالطبع الى تفصيل أكثر أرجو أن تتوجه إليه نقاشاتنا العامة، لكن المهم الآن هو الخروج من دائرة الشك حول الإصلاح ومستحقاته، والجدل حول ماهيته ولونه، للدخول – على وجه السرعة – الى تنفيذه وحشد ما يلزم من توافقات وطنية عليه.. وهذا لن يتحقق بمجرد تحسين الصورة او بمنطق» فليسعد النطق إن لم تسعد الحال « وإنما بتوافق الجميع والجلوس على طاولة حوار حقيقي يفضي بالضرورة إلى بناء مرحلة انتقال ديمقراطي مقنع، ويؤسس لمشروع دولة القانون والمؤسسات والمواطنة الحقة بحيث يطمئن الجميع إلى مستقبلهم ويثقون بما أنجزوا.. لأنهم شركاء فيه. ــ الدستور

مواضيع قد تهمك