رمزي الغزوي : أما آن لتلك العادة أن تدفن
قتلة حقيقيون أولئك الذين يقودون سيارات أو دراجاتهم بطيش ورعونة وسرعات
جنونية. هم قتلة إذ قصدوا القتل بفعلتهم تلك. ونحن مثلهم قتلة لما أرخينا
الحبل للواحد أن يخرج بلمح البرق ليسحق إنسانا آخر أو يقذفه مثل كومة لحم
تتفتت. نحن قتلة بالتواطؤ والتسامح الفج.
نحن أعداء للحياة حين نجنح
لذلك التسامح المخل والمقام في غير مكانه، فيتأكد ما يشيع في الناس، من أن
رأس مال الرجل أو المرأة ليس إلا فنجانا من القهوة السادة.
نحن أرخينا
الحبل وتواطأنا أكثر. فمن أمن العقاب طار صاروخا في الشارع وقتل كيف يشاء،
ما دام أن دهس إنسان وتفتيته يوازي فنجانا عليه ألا يبرد، أهذا جود؟ أم
تقزيم لقيم الحياة ومعانيها؟
فبحجة فنجان أسقطنا حقوقا مدينة وجزائية
عن مجرمين حقيقيين. أليس من يطلق جنون سرعته ناوياً على القتل الأكيد؟ أليس
من يستهتر بقواعد المرور ويتجاوز ويعربد بناوٍ القتل، أو هو قاتل بالفعل.
للأسف
الشديد. تلك الجاهات في أغلب الحالات هي السبب في مظالم كثيرة مسكوت عنها
وقعت بحق الحياة وبحق المصابين وأهلهم. فهذه الجاهات النشطة ومنذ لحظة
الحادث تبدأ بالضغط على المكلومين للسماح بإخراج القاتل من سجنه، وفي بعض
الأحيان قبل أن يدخل القتيل قبره أو قبل أن تسيل عيناه. هذا الأمر لا يعلي
من شأن الحياة، بل يسحقها أكثر في عين المجتمع. فما كان يضير القاتل أن
يقبع في سجنه ليعرف ويعي ما أقدم عليه ويذوق بعضا من الألم.
ثم أن تلك
الجاهات تبدأ من جديد في الضغط على أهل المقتول أو المصاب ليتنازلوا عن
حقوقهم المدنية والجزائية بالمخاجلة والمحاياة. والأولى بهم أن يكونون دعاة
حياة منحازين إليها.
وكان الأولى بالجاهات أيضا أن تعي حجم الألم
والخسارة الذي يسببه ذلك القتل البليغة للعائلات بفقد معيلها. لكنهم يضغطون
لمزيد من التنازل والأصل أن يحشدوا الناس لمساعدة المكلومين ومعاونتهم
علهم يجبرون على جزء يسير من خسارتهم. مع إيماني أن كل أموال الدنيا لا
تعدل لحظة فقد واحدة. ولهذا ساقول بملء الصوت، أما آن لتلك العادة المؤذية
أن تدفن فيأخذ القانون مجراه؟