محمد داودية يكتب : السفير الصيني الأردني !!

تثمر إقامة السفراء والدبلوماسيين الطويلة في أوساط الشعوب والبلدان الأجنبية التي يعملون فيها، عن تعلقهم بتلك الشعوب والبلدان، تلك من طبيعة البشر ومن طبائع الدبلوماسيبن المعروفة. ثمة مثل شائع بين الدبلوماسيين : إذا عملت من الساعة الثامنة وحتى الساعة الثالثة، فأنت موظف. وإذا عملت 24 ساعة طيلة أيام الأسبوع فأنت دبلوماسي يليق بك أن تمثل بلادك. ينطبق المثل انطباقًا نموذجيًا على صديقي السفير الصيني فوق العادة لدى البلاط الهاشمي تشن تشوان دونغ، الذي يصدق عندما يكتب لي رسالةً وداعية يذكر فيها: "أصبح الأردن بلدي الثاني وأنا ممتن لألف وستمائة يوم وليلة قضيتها في الأردن". كان احتكاكنا متقطعًا بسعادة السفير تشن، الواسع الثقافة والمعرفة والاطلاع، كان أهم احتكاك لنا به، عندما زاره وفد جمعية الحوار الديمقراطي الوطني لتقديم الشكر للصين العظيمة على دعمها التاريخي لقضايانا العربية العادلة، وخاصة وقفة الصين الصلبة ضد جرائم الإبادة الجماعية الإسرائيلية على قطاع غزة والضفة الغربية المحتلة. وفي تقديري ان أبرز ما قدمه السفير المتميز المثقف تشن، انه كان مخلصًا لتنفيذ التوجيهات الاستراتيجية من قبل رئيسه المبجل شي جينبينغ، وصديقه ملكنا المكرم الملك عبد الله الثاني، لتطوير العلاقات الصينية الأردنية كافة، تطويرًا مستمرًا، والصعود بها إلى آفاق أعلى وأعمق. وبالمناسبة فإن الصين حققت النبوءة التي انتشرت عام 1978، بأنها تحتاج إلى نصف قرن لعملية التحديث والسيطرة السياسية والاقتصادية. سوف ينتهي نصف القرن بعد ثلاثة أعوام !! عاش السفير تشن بيننا أربع سنوات ونصف السنة، أراها تثمر عن صديق صيني مرموق قوي للأردن، هو قوة ثقافية ودبلوماسية واقتصادية ناعمة، تضاف إلى صداقات الأردن العميقة مع الصين، التي أضفى عليها الملك عبدالله الثاني وأضاف إليها، تقاليدًا وقيمًا واحترامًا لا يدانى. أصبح للأردن سفيرين في بيجين، السفير الأردني البارز حسام الحسيني والسفير الصيني تشن تشوان دونغ، وهما بحق سفيرين من طراز مختلف ومن خارج الصندوق !! أقول قولي هذا، لأنني على يقين ان السفير تشن، وقع بكل جوارحه، في حب وأَسر وهوى شعبنا الأردني المضياف الودود اللطيف، الذي لم يفلت من فرط هواه أحد !! حين سئُلَ السفير بعد انتهاء خطابه الوداعي في فندق حياة عن سبب دموعه، رد بكلمةٍ مقتضبة: "أحببتُ الأردن أكثر مما توقّعت”. شكرًا السفير الجميل تشن تشوان دونغ على جهدك الهائل لتعزيز العلاقات بين بلدينا.