الأخبار

اسماعيل الشريف يكتب : الموت.. جوعًا أم شبعًا

اسماعيل الشريف يكتب : الموت.. جوعًا أم شبعًا
أخبارنا :  

المساعدات التي ستدخل غزة ستكون الأقل على الإطلاق: رغيف بيتا وطبق حساء، وهذا كل شيء- سموتريتش.
ما من لؤمٍ ولا إجرامٍ يفوق ما يرتكبه هذا الكيان الغاصب ومن يناصره ولا أعتقد أنه قد حدث في تاريخ البشرية. يطلق الكيان الصهيوني حملته العسكرية المسماة «عربات جدعون» لقتل سكان غزة، تمهيدًا لتهجيرهم عبر عملية برية واسعة، بالتزامن مع تكثيف القصف الجوي، وإصدار أوامر قسرية بنقل السكان من الشمال إلى الجنوب، وذلك في ظل حصار خانق يفرضه على القطاع منذ ما يقارب ثلاثة أشهر.
ورغم هذا الإجرام، يوافق الكيان على إدخال كميات رمزية من المساعدات في خطوة تُسوّق على أنها إنسانية، بينما هي في جوهرها لا تمتّ للإنسانية بصلة. الهدف الوحيد منها هو استخدامها كقناع يموّه استمرار حرب الإبادة، ولا يخجل قادة الاحتلال من التصريح بذلك. إذ يقول مجرم الحرب نتن ياهو صراحة: «من أجل غزو غزة والسيطرة عليها، علينا أن نفعل ذلك بطريقة لا تمنعنا بها دول العالم.»
وللأسف، فإن هذه المساعدات الرمزية تخدم أيضًا حلفاء وأصدقاء الدولة المارقة. يبرّر نتن ياهو إدخالها بالقول إن أعضاء جمهوريين أبلغوه بأن استمرار دعمهم مرهون بوجود مظهر من مظاهر المساعدة الإنسانية، قائلين: «لا نريد أن نرى صور جوعى غزة تنتشر على مواقع التواصل الاجتماعي.»
وللمرة الأولى، يتفق جميع أعضاء حكومة مجرم الحرب على إدخال هذه المساعدات الرمزية. يقول سموتريتش: «إنها تتيح لأصدقائنا توفير الغطاء الدولي في مواجهة مجلس الأمن ومحكمة لاهاي، وتمنحنا فرصة الاستمرار في القتال حتى تحقيق النصر.» ويضيف بصراحة مذهلة: «يجب أن لا نسمح بدخول المياه إلى غزة، لكن إذا فعلنا ذلك، سيجبرنا العالم على وقف الحرب فورًا... وسنخسر.»
وكما كتبت سابقًا، وبمعزل عن تصريحات الساسة الأميركيين، فإن ما يجري في غزة يلقى هوى في نفس رئيس الولايات المتحدة لغاية الآن. فقد صرّح في مقابلة مع فوكس نيوز: «أعتقد أنني سأكون فخورًا لو امتلكت الولايات المتحدة غزة وحوّلتها إلى منطقة حرة. غزة مكان سيئ، وكانت كذلك لسنوات.»
ولتحقيق هذا الهدف، لا بد لنتن ياهو من استكمال مشروع التطهير العرقي ودفع السكان إلى الهجرة. وعندما يرى الرئيس الأميركي أن الوقت قد حان لوقف المجزرة، سيفعل ذلك. وقد بدأت تصريحاته تصب في هذا الاطار، ولذلك بدأ قادة الاتحاد الأوروبي مؤخرًا بالضغط على نتن ياهو لوقف المجازر وإدخال المساعدات، ولم يكن لذلك أن يحدث لولا أنهم لمسوا أن الرئيس الأميركي بدأ بالفعل بالضغط على الكيان.
لهذا، يتفق الطرفان: الصهيوني والأميركي، على الترويج لخطة تقديم المساعدات دون وقف لإطلاق النار لغاية الآن، بإدارة جندي أميركي سابق، وقد أُنشئت بالفعل مناطق لتوزيعها في جنوب القطاع. ويُجبر الفلسطينيون على الخضوع لفحص أمني صهيوني واستخدام تقنيات التعرف على الوجه وهي نفس التقنيات التي تستخدم لقتلهم، ولكن هذه المرة من أجل الحصول على رغيف خبز وطبق من الحساء، ثم قتلهم لاحقا.
ولا قيمة لإدانات أكثر من مئتي منظمة إنسانية، بالإضافة إلى الأمم المتحدة، لهذه الخطة غير القابلة للتطبيق، والتي تُستخدم كسلاح حرب. إذ تُنتهك من خلالها المبادئ الإنسانية، ويُستغل الغذاء كأداة للضغط العسكري، مع تعريض حياة المدنيين للخطر.
هذه المساعدات ليست سوى كذبة إعلامية كبرى، لتبرير المزيد من القتل وتمهيد الطريق للمرحلة التالية في غزة. فالنتيجة واحدة: الموت... فقط اختر طريقتك المفضلة – جائعًا أم شبعانًا، لا فرق! ــ الدستور

مواضيع قد تهمك