الأخبار

فارس الحباشة : وادي بن حماد

فارس الحباشة : وادي بن حماد
أخبارنا :  

أتابع على السوشيال ميديا فيديوهات لشباب أردنيين، ويتحدثون عن السياحة في الكرك.
ويتحدثون ويروجون لمواقع أثرية وطبيعية سياحية في الكرك. ويعرضون في الفيديوهات عن عادات الناس والتقاليد، والمناسبات الاجتماعية، وفيديوهات للأسواق والشوارع، وحياة الناس اليومية.
محتوى ثري وجميل وفريد، ومحتوى شيق، واستكشافي: طبيعيًا واجتماعيًا، وإنسانيًا.
على السوشيال ميديا، كم تحدثنا عن أزمة الخطاب الهابط والتافه المطروح والمروَّج من بعض النشطاء والفاعلين. ولذا، وجب التوقف والاحتفال بنصوص مرئية وفيديوهات جادة ورصينة، وتحظى بثقة المتابعين.
وأنا أتابع الفيديوهات، لفت انتباهي فيديو عن «وادي بن حماد» في الكرك. وأنا أعرف وادي بن حماد، وكم أقمت وتجولت في ربوعه. وأخذني الفيديو إلى ذكريات الطفولة، وفي المدرسة كانت رحلاتنا الفصلية إلى وادي بن حماد ووادي وسيل الكرك، حيث كانت وديان الكرك تعج
باللون الأخضر، والسيل متدفقًا بالمياه الصافية، والناس ترنو إلى أطرافه، ونشرب من مياهه دون أي اعتبار لتحذيرات المدرسة ووزارة المياه، لعدم الشرب من المياه على اعتبار أنها غير صالحة.
وادي بن حماد، منطقة طبيعية تأسرك في حمامات المياه الساخنة «العلاجية»، وجبال ووديان، وأشجار، ومياه جارية، مياه تهبط إلى السد، ثم تصب في البحر الميت بهدوء وسكينة. وأشجار على جوانب السيل ساحرة ومخطوفة من الجنة. من يزور وادي بن حماد لا يملك إلا أن يكرر الزيارة مرة واثنتين وأكثر. تقف على «مطل بتير»، وتسير في طريق لولبي، وتكتشف الوادي في اعوجاج وبطء الانحدار نحو الأسفل.
موسم الجفاف وشح الأمطار، تركا أثرًا على خضرة الوادي والجبال والوديان المجاورة والساكنة في قلبه. حركة مياه السيل انخفضت، وفي بعض المناطق شبه جافة، ومن قلب ووجه وأذرع الوادي تعرف أن موسم الأمطار سيئ، وأنه كل عام أسوأ من الذي سبقه.
وادي بن حماد، لو أنه في أمريكا أو كندا أو دولة غربية، لشاهدت طريقًا معبَّدًا، وشاهدت مطاعم واستراحات، ومحطات تسوق، ومحطة محروقات، وفنادق لإقامة الزوار والسياح، ومراكز للسياحة العلاجية بالمياه الساخنة، ولرياضة المغامرات وتسلق الجبال والوديان، ولشاهدت حياة بشكل وروح ولون آخر.
ولكن، يبدو أن حظ الجنوب الأردني، ونصيبه من التنمية والخدمات، وإدارة التخطيط لموقع طبيعي خلّاب وساحر، ولموقع يستنطق الطبيعة ويحاكيها، منطقة منسية. للأسف، وادي بن حماد غير مدرج على الخريطة السياحية الأردنية. وقبل أعوام، كان عطاء إصلاح وتعبيد طريق وادي بن حماد مدرجًا على
ميزانية مجلس المحافظة. وفي قرار مفاجئ وغير مفهوم ومبرر، تم تحويل مخصصات تعبيد وإصلاح الطريق إلى محافظة أخرى.
أتمنى من رئيس الحكومة أن يزور وادي بن حماد، وأن يستمع إلى الناس، وأن تدرس الحكومة فرص الاستثمار السياحي في الوادي، وأن تولي وزارة السياحة اهتمامًا بتنشيط وتفعيل وإدراج الوادي على الخريطة السياحية الأردنية، وإقامة فعاليات ونشاطات صيفية للتخييم ورياضة التسلق والمغامرات، والسياحة العلاجية، وتأسيس متحف طبيعي في وادي بن حماد.
وادي بن حماد أعجوبة طبيعية، ويُصنَّف من أجمل الأماكن في الأردن. وسد الوادي الذي تم تشييده بتبرع من شركة الفوسفات يعاني من إهمال وتصدعات وتشقق، وغياب الصيانة، قد يؤدي إلى انهيار بأجزاء حساسة من «هيكل السد». في الكرك، الناس يترقبون زيارة رئيس الحكومة إلى وادي بن حماد.. وكم أتمنى أن تولي وزارة السياحة والأشغال اهتمامًا بالبُنى التحتية والخدمات ومرافق الوادي الجميل والساحر.

مواضيع قد تهمك