الأخبار

محمد ابو رمان : المناهج والسياسة معاً!

محمد ابو رمان : المناهج والسياسة معاً!
أخبارنا :  

بالرغم من أنّ الحزب الديمقراطي الاجتماعي لم ينجح في الحصول على مقعد في مجلس النواب، مع أنّه كان قريباً من تحقيق ذلك؛ إلاّ أنّه من الأحزاب الأكثر نشاطاً وحيوية في المشهد السياسي، بخاصة لدى جيل الشباب، فلديه نخبة من الشباب المميّز، ونخبة ثقافية وسياسية على قدر كبير من المصداقية والمكانة السياسية والاجتماعية والثقافية.
اطّلعتُ على الورقة التي أنجزها الحزب حول التربية والتعليم في الأردن، وهي ورقة أتفق معها تماماً، وتمثّل ورقة مرجعية رصينة يمكن البناء عليها، وأدعو وزير التربية والتعليم والتعليم العالي، د. عزمي محافظة، وهو الوزير المثقف والمسيّس، والدكتور محي الدين توق، رئيس المجلس الأعلى للمركز الوطني لتطوير المناهج، أن يناقش مع الحزب الورقة والمبادئ التي وضعوها، فهي تعدّ مصدراً مهماً من مصادر الحوار الوطني، وهنالك قضايا وموضوعات مما طُرح في الورقة عمل – ولا يزال- المركز الوطني يعمل عليها، وأخرى لا تزال بحاجة إلى أخذها بعين الاعتبار في مسار تطوير المناهج التعليمية والتربوية.
تضمنت الورقة العديد من النقاط المهمة؛ من بينها المبادئ التي من المفترض أن تحكم المناهج التعليمية، مثل تشجيع التفكير النقدي والابتكار والإبداع، والقيم المتعلقة بالهوية الوطنية والديمقراطية والمواطنة ومواكبة التحولات الرقمية والتحديات العالمية وتعزيز العدالة الاجتماعية والمساواة وتكافؤ الفرص في التعليم، وعلى شمولية العملية التعليمية والتربوية وربطها بأهداف المجتمع وبقيمه وبالتنمية الوطنية وبالخروج من الأدوات التقليدية في التعليم، والتعامل مع المفاهيم الجديدة، بخاصة العصر الرقمي، الذي أصبح يمثّل فرصة وتحدياً وخطراً في الوقت نفسه يواجه العملية التعليمية والتربوية في مختلف دول العالم.
تطرح الورقة موقع الأردن من المؤشرات التعليمية العالمية، من بينها فقر العملية التعليمية وسؤال العدالة والمساواة، وفجوة التعليم وغيرها، وتقدّم مفاتيح للمنظور المستقبلي لتطوير التعليم في الأردن، وتقدم الورقة خطوطا عريضة لتطوير العملية التعليمية والتربوية في الأردن، والدخول إلى المستقبل بصورة مختلفة.
لا يمكن إنكار أو تجاهل أنّ هنالك اليوم اهتماماً كبيراً على صعيد التربية والتعليم وتطوير المناهج من أعلى المستويات في الدولة، وهي فرصة أيضاً لمراجعة الاستراتيجية الوطنية لتطوير الموارد البشرية، وهي تنتهي هذا العام، ما تحقق منها وما لم يتحقق، عبر اجتماعات ونقاشات لخبراء علماء في هذا المجال، بخاصة أنّ هنالك نقلة نوعية اليوم حدثت على صعيد التعليم المهني (نظام بتك)، وهو أحد روافع المستقبل لربط الجيل القادم بسوق العمل وبالمهارات العملية المطلوبة. لكن المطلوب أن يكون هنالك إسناد ودعم من القوى السياسية والاجتماعية لملف التعليم فهو ركيزة التطوير والتنمية، وما تقدّمه هذه الورقة المهمة يفتح النقاش بصورة عميقة في سياسات التعليم وتطويره وربط ذلك أيضاً باستراتيجة الموارد البشرية، التي جعلت التعليم ركيزتها الرئيسية.
بالعودة إلى الحزب الديمقراطي الاجتماعي فهو حزب طموح مميّز ولديه قدرة على التفكير النقدي الذاتي، فقد قام الحزب بمراجعة الانتخابات النيابية وناقش أوراق عمل لأخطائه، وكمتابع قديم- جديد للحزب أحسب أنّه يمتلك العديد من المقومات والأوراق والمرجعية والموارد البشرية التي لو أخذت مساراً إبداعياً وذكياً في التعامل مع الشارع لتمكّن من بناء قاعدة اجتماعية واسعة وعريضة خلال المرحلة القادمة، عبر تطوير خطابه السياسي والإعلامي، واستقطاب أعداد أكبر من الأعضاء والداعمين والمؤيدين.
الحزب يجمع بين قيم الحريات السياسية والمدنية والعدالة الاجتماعية، وهو ممثّل لقيم نسبة من الطبقة الوسطى والطبقات المهنية والعمالية التي تنتمي إليها، ويمكن تأطير خطاب قوي وعميق من المصالح الاقتصادية والسياسية التي تجمع الذين يحملون الهموم نفسها لتعزيز وتقوية الحزب في المرحلة القادمة، وأن يكون أكثر تحديداً لهويته السياسية، وعلاقته بالحكومات ومستوى القرب والبعد عنها، وأن يتجاوز الحزب النقاشات الداخلية التنظيمية إلى الدعاية السياسية والإعلامية والانتشار، فإذا فعل ذلك فأمامه فرصة كبيرة لأن يكون أحد الأحزاب الرئيسية في المرحلة القادمة ــ الدستور

مواضيع قد تهمك