الأخبار

د. حازم قشوع يكتب : الاستقلال و " اردن الرسالة "

د. حازم قشوع يكتب : الاستقلال و  اردن الرسالة
أخبارنا :  

د. حازم قشوع

لم يكن استقلال الأردن طبيعيا بالمعاني الوطنية كبقية الدول الغربية، وذلك لأن نشأة نظامه السياسي سبقت ترسيم حلة جغرافيته السياسية، وهذا ما جعل من عقدة وحدته الوطنية نابعة من بيان رسالة الملكيه وليس فقط من مكنون هويته الوطنية، وهذا مرده طبيعة نشأة النظام الهاشمي الذي جاء برسالة ترسيم لهويته العربية بعد ان ازف نجم الدوله التركيه بعد الحرب العالمية الكبرى منذ نصفها الأول، وهذا ما جعل من النظام الهاشمي يستحوذ على الهلال الخصيب لولا اعتماد تقسيمات سايس وبيكو وترسيم المنظومه الأممية بحلتها الدولية التي جاءت منها الأمم المتحدة والجمعية العمومية وصندوق النقد الدولي وكذلك البنك الدولي، وهي جميعها أخذت تشرعن الأنظمة لما بعدها، وهذا ما كان له انعكاس على امتداد ظلال النظام الهاشمي.

وبالرغم من إعلان استقلال الأردن عام 1946 أي بعد سنة من إعلان المنظومة الأممية، الا ان عدم ثبات الجغرافية السياسية للمنطقة جعل من عضويته تتأخر حالة التبدل التى شهدها العالم فى بيت قرارة الجيواستراتيجي القطبي كما فى بيت عناوينه الاقليميه الجيوسياسية، وذلك بعد ان راح قرار التقسيم يشرعن عام 1947 تقسيمات فلسطين التاريخية بين إسرائيل والدول العربية المجاورة عندما استطاع النظام الهاشمي المحافظة على شرقي القدس والضفة فى عام النكبة، واخذت عناوين البيعة من الضفة والقدس تعلن ليتم فى بعد انقضاء عهد الملك المؤسس ودخول عهد الملك طلال الذي شرعن في عهده دستور المملكة الأردنية الهاشمية من القدس إلى الرويشد ليتم فيما بعد دخول المنطقة في حاله تبدل اخرى مع البدء بانتهاء عهد بريطانيا وفرنسا فى الدائره القطبيه ودخول أمريكا والاتحاد السوفيتي مقتسمين الدائره القطبيه بين كتلتي الأطلسي ووارسو، وهذا ما جعل من حصول الاردن على عضوية عامل يتأخر تسعه سنوات حتى عام 1955والذى جاء فى عهد الملك حسين رحمه الله الذي يعتبر المؤسس الحقيقي للدولة الاردنية بإطار جغرافيتها السياسية، وهذا ما جعله يشكل رمزية للدولة وعنوانها.

وبعدما فقدت الدولة الاردنية جزء من أراضيها المعتمدة أمميا بموجب بيان قبول الدولة عضوا عاملا فى مجلس الأمن، شكلت النكسه فى عام 1967 ارتدادات عنوانها معركه الكرامة الخالدة كما بينتها حال وقوف الدولة بين الهوية النضالية الفلسطينية وجغرافيتها السياسية التى يبينها دستورها، وهذا ما جعل من بروز الهوية الأردنية تتأخر نتيجة هذه العناوين التي استمرت حاضرة في فضاءات الدولة الاردنية بين هاشمية امتداد وجغرافية سيادة، وبين أصول ديموغرافية تقوم على هوية نضالية وأنصار بنائية أرادت بناء قوام الدولة ضمن منهجية الواقعية السياسية.

وفى عهد الملك عبدالله الثاني الذي يسجل فى عهده تشكيل الهوية الأردنية منذ أن تسلم سلطاته الدستورية، وهذا ما جعل من عهد الملك عبدالله يرسم صوره الهويه ويعنونها بترسيمات كاملة الأهلية محددة بعناوين ومبينه بأطر قامت عليها مسيرته منذ استلامه دفة سلطاته الدستورية عندما رفع شعار فى حينها " الاردن اولا " وما تبعه من برنامج يقوم على " كلنا الأردن " وهذا ما جعل من عهد الملك عبدالله يكون عهد الهوية الوطنية كما جعل من منهجيته تحقق إنجازات للدولة الأردنية غير مسبوقة على صعيد بناء المؤسسات العسكرية والامنية، كما على مستوى رسالة البناء الوطني التي راحت تقوم على استراتيجية عمل عنوانها " الأمان والتنمية ".

ففى الأمان أرسى الملك عبدالله معادلة الأمن والحرية حيث اقترن فى عهده " معادلة الأمن والحرية " ليكون الاردن واحة الامان كما برز فى عهده المحافظة على الحريات والمؤسسات الديمقراطية والبرلمانية، وهو ما هيأ المناخ لبناء الهوية الوطنية فكر ونهج عمل مجسدا بذلك منطوق شعاره منذ أن تسلم سلطاته الدستورية فى بيان " الاردن اولا وكلنا الاردن "، وهذا ما جعله يرسى ارضيه صلبه جملتها جملة الوطنية في بيان قيم المواطنة التى ارادها الملك عبدالله في عهده أن تكون عنوانا للتنمية عبر أوراقه الملكية التي جاءت من أجل بناء الدولة الأردنية المدنية على منهجية مجتمع المواطنة.

وهي المنهجية التي حملتها الأوراق الملكية فى بيان رؤيته للأردن الذي يريد والذي يسعى لبنائه والذى يقوم على منهجية برلمانية ديمقراطية ومجتمع مدني الطابع والمضمون الحزبي، و اقتصاد انتاجي وتعلم معرفي ولامركزية فى الحكم المحلى، وهى جميعها تبين رؤية الملك عبدالله في جعل الأردن يصبح في مصاف الدول المتقدمة عبر هذه المحددات الخمسة التي بينتها أوراقه النقاشية السبعة التي أصبحت فيما بعد الاوراق الملكية التي تحمل رؤية ورسالة وبرنامج عمل لم يتحقق جله نتيجة اصطدامه بالظروف الموضوعية التي عاكست مسيرة المنجزات الوطنية منذ استلامه سلطاته الدستورية بتبعات احتلال العراق وإفرازات ركود حركة الاقتصاد العالمي، وما واكبها من دخول المنطقة بدوامه الربيع العربي، وما تلاها من الحرب على الإرهاب، ومن ثم دخول العالم في أجواء كورونا وما تركته من ترسبات، ومن ثم دخول المنطقة بأجواء حرب غزة ومازالت تترك آثارا عكست سلبا على كافة مسارات التنمية نتيجة تشكيل المنطقة لأجواء طاردة للاستثمارات، وهذا ما جعل الأردن يرسم فى عهد الملك عبدالله صورة اخرى عنوانها تحويل المنعطفات إلى منطلقات، وهي الميزة التي تميز بها عهد الملك عبدالله واخذت تشكل السمة الغالبة على سياساته.

ان الأردن وهو يحتفل في عيد استقلاله ال79 فى هذا العام، انما يحتفل في عيد منجزاته وكله امل ان تستمر مسيرة التنمية والبناء في الوطن وقد اصبحت المنطقه اكثر استقرارا حتى يتمكن من اطلاق مضمون رسالة التنمية التي يتوق إليها جميع الاردنيين الملتفين حول راية الدولة ورمز وحدتها جلالة الملك وولي عهده الأمين، وهذا ما يجعلنا واثقين من بيان " اردن المنجز" بعد " الاردن اولا " و " كلنا الأردن " بعنوان " اردن الرساله ".

مواضيع قد تهمك