الأخبار

محمود الزيودي يكتب : حكايا عن المخابرات 3 - 7

محمود الزيودي يكتب : حكايا عن المخابرات 3  7
أخبارنا :  

* نقرة على مفتاح المورس

ذات حين استقبل أحد ضباط المخابرات مصدرا اعتاد على نقل المعلومات.. خلال المقابلة فتح الرجل محفظة نقوده فظهرت رزمة كبيرة تبعث الشك في الرجل الذي يسعى لزيادة مكافأته من الدائرة.. بعد التحقيق اكتشفوا انه مكلف بالتوجه الى نصف برلين التي تديرها ألمانيا الشرقية.. سيلتقي قريبا له داخل الستار الحديدي ليأتي ببعض الاخبار منه.. ولم يكن هذا القريب الا محمود الزعبي الذي أصبح فيما بعد رئيسا للحكومة السورية والأمريكان يريدون استمالته.. أما الأموال فهي من الملحق التجاري الأمريكي في عمان.. كان الرجل عميلا مزدوجا..

بعد حرب عام 1967 أرسلت المخابرات احد ضباطها لشراء كاميرا بمواصفات عالية الجودة.. وصفها مضر بدران انها تعمل بافلام الانفراريد وكانت ممنوعة من الشراء في ذلك الزمن.. تدرب عليها احد المصورين المحترفين العاشقين لمهنة التصوير.. حملها بثقلها وتجول فيها من أقصى الشمال الى اقصى الجنوب.. عاد من العقبة بعد ان صور ميناء ايلات على مدى أيام.. ظهر الميناء فارغا في بعض الصور.. وفي الصور التالية ظهرت فيه ثلاثة بواخر كبيرة.. تساءلت المخابرات العامة كيف جاءت هذه السفن وخليج العقبة وقناة السويس مغلقان.. بدأ الخبراء في الدائرة قياس العمارات المبنية حول الميناء وحجم النوافذ.. خلصت الدراسة الى ان هذه البواخر صُممت كحاملات دبابات وطائرات وأنها نقلت على سكة الحديد من ميناء اسدود الى ميناء ايلات.. قرع جرس الإنذار أن إسرائيل تخطط لامر ما.. سلمت المعلومات مع الصور لفريق من المخابرات المصرية في عمان الذين سافروا بسرعة الى مصر في العام 1968.. بعد يومين دخلت إسرائيل الى سيناء واستولت على رادار متقدم فيها وعادت به الى ميناء ايلات..

ظهرت في الصور طائرة هيلوكبتر مهمتها حمل الرادار ونقله بسرعة الى إسرائيل.. أسهب قائد الجيش المصري سعد الدين الشاذلي في وصف هذه الحادثة التي أغضبت الروس لوقوع رادارهم المتقدم في يد حليفة امريكا..

تجولت كاميرا المخابرات العامة ذات شتاء عاصف على مرتفعات ام قيس.. رغم الأحوال الجوية الماطرة والضباب عادت بصور قرعت جرس الإنذار في الشمال.. جرى تكبير الصور حتى ظهر علم لواء جولاني على احد المجنزرات وكان التحضير لمعركة جديدة في الجولان.. أرسلت الصور مع التقارير للجيش السوري.. فيما بعد جاء الخبر من الصحف العبرية التي ذكرت ان الجيش الإسرائيلي تفاجأ باستعداد السوريين امام لواء جولاني وأوقعوا في صفوفهم خسائر كثيرة..

بعد هزيمة الخامس من حزيران تخلف مأمور اللاسلكي في قيادة شرطة الخليل عبد الودود سلطان التميمي ابو ناصر وبقي في مدينته الخليل.. كان الرجل برتبة عريف وقد خبأ أحد أجهزة اللاسلكي مقدرا انه سيحتاجه.. روى الحكاية للصديق بلال احمد الازايدة جاره في بلدة الفيصلية بمحافظة مادبا.. ووردت نفس الحكاية في مذكرات مضر بدران (القرار).. بعد أيام من الحرب نقل الجهاز الى مغارة من مغر الخليل.. نقر على مفتاح المورس وفوجئت محطة اللاسلكي في مديرية الامن العام بالصوت القادم من الخليل.. اجتمع زملاءه في عمان وتعرف أكثر من واحد على النقرة الخاصة بالمورس لزميلهم فهي مثل بصمة الصوت.. زادت عليه مديرية لاسلكي الامن العام أسئلة خاصة حتى تعرفوا على هويته ثم جرى تحويل اتصاله الى المخابرات العامة..

بدأت المعلومات تتدفق من الخليل عن حركات الجيش الإسرائيلي قبيل معركة الكرامة بأيام.. نقل الجهاز من مغارة الى بئر وعمل رقيب سير في شرطة الخليل تحت الاحتلال ليستفيد من رصد حركة القوات الإسرائيلية دون أن يلاحظه احد.. جرى تمرير كل المعلومات الى مدير الاستخبارات العسكرية غازي عربيات واستفاد الجيش العربي الأردني منها في توقع معركة الكرامة والاستعداد لها.. فيما بعد تتبع الإسرائيليون ارسال التميمي وقبضوا عليه.. حكم عليه بالسجن لمدة 99 سنة قضى منها 5 سنوات فقط.. استبدلته المخابرات العامة بأسير إسرائيلي قبض عليه في بحر العقبة.. خرج من سجن عسقلان برتبة عريف ووصل عمان ليرفع ملازم اول.. فيما بعد تقاعد وسكن قرية المخيط غرب الفيصلية في مادبا وروى حكايته لـ بلال احمد الازايدة والجيران.. توفي عبد الودود سلطان التميمي ابو ناصر عام ٢٠١٨ ودفن في مادبا..

مواضيع قد تهمك