ابراهيم عبد المجيد القيسي : كونوا قميص يوسف لا عثمان

اللهم صلّ على سيدنا يوسف عليه السلام، وارضَ اللهم عن ذي النورين عثمان..
أعذر من لا يتمتع بنظرة بعيدة في السياسة، او في الوطنية، ولا أعذر من يتمتع بهما، ويفهمهما، ثم يصمت، ونتقبل النقد والرأي الآخر، لا سيما في مثل هذه الأزمات والمواقف، التي تراود الأردنيين، وتستهدف تخريب حاضرهم ومستقبلهم، وتتنكر لماضيهم.
اقترحنا؛ وما زلنا نقترح ان يسبق الإخوان المسلمون غيرهم، ويبادروا لحل الجمعية والجماعة، ويؤكدون خصوصية اردنية، فريدة، تؤمن بالأردن وثوابته، وتنحاز لمصالحه ووحدته، وقوّة شوكته، وتزيّن وجهه على زينته، وتجعل (الأعداء في حيرة)..
لو لم يتواجد بين صفوف الإخوان من يستغل الأزمات وكل أشكال التفاعل الشعبي والرسمي، ويوجهها الى خارج سياق استراتيجية الدولة، لكانت جماعة الإخوان هي أكثر جهة يحق لها أن تتغنى بوطنيتها، لكن أولئك الرهط هم من برعوا في تجيير جهود الإخوان وغيرهم، وقاموا بترصيدها لصالح قضايا خارجية، مما يجعلك تشكك في نوايا هؤلاء، فإن كان وما زال الأردنيون يتنازلون عن كل ما ملكوا من أجل فلسطين، وقضيتها، وحقوق شعبها، فهم اليوم يؤكدون ذلك، لكنهم من حقهم ان يقولوا لأنفسهم وللفلسطينيين ولكل العالم، بأن ثمة من بيننا من يزاود علينا، ويتقمص النضال ودعم فلسطين، لأسباب شعبوية (وهذا أقل الكلام المؤدب مما يقال عنهم وعن مواقفهم)، حيث يمكن ان يقال بأنهم يفعلون ما يفعلون، استغلالا للشعبين (الأردني والفلسطيني).
أكثر من مرة، تم ابتزاز الأردن من الخارج، بسبب علاقة الدولة بجماعة الإخوان، وتكفي الإشارة لعلاقات الأردن ببعض الدول، فهي في فترات ما، كانت مشوبة بالحذر، وأصبحت شكلية، بسبب إصرار الدولة الأردنية على علاقة طيبة مع الإخوان، حتى وإن كان لذلك آثار سيئة على علاقات الاردن الخارجية، وعلى مصالحه، التي هي مصالح وطنية عليا للشعب الاردني، لكن الأردن وفي كل مرة كان يتنازل عنها، من أجل عيون الجماعة.
يجب ان يفهم حكماء الإخوان بأن هذه الطريقة من التعامل أصبحت غير ممكنة، وليس السبب دوليا فقط، بل السبب هو هذه الازمة التي تسببت بها قضية خلية تصنيع الصواريخ وبتعاون خارجي، ولا يمكن أن تصمت عنها الدولة وتتنازل عن حق الوطن والشعب بالاستقرار، وحقهما في نبذ التطرف، والخروج عن الدولة وقوانينها، وفسح المجال لإعادة التجربة من قبل اتباع الجماعة او غيرهم، لا سيما ونحن نشهد ظروفا دولية سيئة جدا بالنسبة لقضايانا العادلة، وليس أقلها الأمن والاستقرار والحفاظ على الأردن.
لن ألجأ إلى لغة الفزعة، ولن اشيطن أحدا، بل إنني أحاول أن أسمي الأمور بمسمياتها، سيما وأنني لا يمكن اعتباري اخوانيا منقلبا على الجماعة، أو أسترزق بشتمهم، أو أنافسهم شعبيا وانتخابيا..
أقترح ان يبادر حكماء الحزب والجماعة لحل الجماعة التزاما منهم بالوطن، وقبل ان تصدر أحكام قضائية ولا قرارات رسمية او شعبية، فهذه مخاضة عسيرة يمر بها الوطن والشعب، قبل السياسيين والخطباء والنقباء والأمناء، وهي تمثل ظروفا مثالية لكل من يريد بالأردن شرا، حتى الوطني النظيف، الذي يعتبر نفسه غريما سياسيا او تقليديا للإخوان، يجب عليه أن «يرعوي»، ولا يستثمر في هذا الحدث، وسيجري تحييد كل هؤلاء لو قفز الإخوان إلى الأمام، وقاموا بمثل هذه المبادرة، ولا يعني هذا بأي حال نكوصا عن القيم والأخلاق او ارتدادا عن مبادىء، بل هو تمسك بها كلها، فكلها تسعى للإبقاء على وطن ومؤسسات وشعب نقي نظيف، وتسعى لحماية دولة بكل مكوناتها، وتثبيت هوية أردنية مستقلة، و»صامدة» في بيئة صراعات غير أخلاقية ولا حتى بشرية.
ثمة من يستغل الحادثة لزرع «حقول» وليس بذور من الفتنة، كمن حملوا قميص عثمان يوما، بينما بهذه المبادرة في حال قامت بها الجماعة، سيكون قميص يوسف..
حمى الله الأردن فما زال شوكة في حلوق كثيرين. ــ الدستور