د. خالد الشقران يكتب : العربدة الإسرائيلية.. استقرار المنطقة على حافة الهاوية

تشهد السياسات الإسرائيلية تصعيداً غير مسبوق منذ عام 2023، مع استمرارها في تجاهل المطالب العربية والدولية الداعية لحل الصراع عبر إقامة دولة فلسطينية، بينما تؤكد دول الجوار التزامها بالحل السلمي، رغم توسع إسرائيل في ابتلاع الأراضي وفرض سياسة الأمر الواقع، مما يهدد بتحويل المنطقة إلى ساحة صراع ديني وعسكري يلتهم الأخضر واليابس.
أكدت الدول العربية ومعها دول العالم الاسلامي - في قمم عربية واسلامية متتالية بين 2024 و2025 - رفضها خيار الحرب، ودعمها الجهود الدولية لتفعيل حل الدولتين. ومع ذلك يصر رئيس وزراء دولة الاحتلال على المضي قدما في تأزيم المشهد في المنطقة عبر تصريحات التهديد التي أطلقها بضم 30% من الضفة الغربية، في تحدٍ صارخ لمبادرة السلام العربية (2002) التي لا تزال مطروحة. وتشير بيانات الأمم المتحدة إلى أن إسرائيل أقامت 12,000 وحدة استيطانية جديدة بين عامي 2023 و2025، ما قلص مساحة الدولة الفلسطينية المقترحة إلى 8% فقط من أرا?ي فلسطين التاريخية، وفق تقرير البنك الدولي (مارس 2025).
اما عن التدمير المنهجي لأسس الدولة فقد أصبحت 93% من مساحة الضفة الغربية خاضعة لسيطرة إسرائيلية مباشرة أو غير مباشرة (تقرير منظمة «بتسيلم» 2025)، بينما حوّل الحصار الإسرائيلي لغزة - المستمر منذ 18 عاماً - القطاع إلى منطقة «غير قابلة للحياة» وفق تصنيف الأمم المتحدة (2024)، حيث يعيش 80% من السكان تحت خط الفقر. في عام 2024 فقط، دمرت إسرائيل 1500 مبنى فلسطيني في القدس الشرقية والضفة، وفق «الاونروا»، بينما قُتل 327 فلسطينياً في عمليات عسكرية خلال العام ذاته عدا قتل عشرات الآلاف وتشريد مئات الآلاف من الغزيين خلال?العدوان على غزة ما بين 2023 و2025.
وفي لبنان وسوريا فإن العنوان الأبرز للسلوك الاسرائيلي هو الانتهاكات المتصاعدة والتجاهل العمدي للسيادة في كلا البلدين، حيث تصاعدت الانتهاكات الإسرائيلية ضد لبنان، وسجلت قوات اليونيفيل 240 خرقاً إسرائيلياً للقرار 1701 بين 2023 و2025، منها 50 غارة جوية على قرى جنوب لبنان، أدت إلى نزوح 35,000 مدني (تقرير المفوضية السامية للاجئين، يناير 2025). وفي سوريا، توسع الاحتلال الإسرائيلي للجولان عبر مصادرة 2,300 هكتار إضافية عام 2024، وبناء 15 بؤرة استيطانية عسكرية، وفق منظمة «Syria Direct». وما زال العدوان الإسرائيلي ا?توسعي على سوريا قائماً ومستمراً تحت العديد من الذرائع أكثرها وقاحة «حماية الأقليات».
وفيما يتعلق بالقانون الدولي واعتبار إسرائيل نفسها فوق الشرعية، فقد رفضت إسرائيل تنفيذ 16 قراراً أممياً صدرت بين 2023 و2025، منها قرار مجلس 2787 (2024) الذي دعا لوقف الاستيطان فوراً. كما تجاهلت توصيات محكمة العدل الدولية (فبراير 2025) التي اعتبرت الحصار على غزة جريمة ضد الإنسانية. وفي المقابل، تعتمد إسرائيل على حماية أميركية أجهضت 22 مشروع قرار دولي ضدها خلال عامي 2024 و2025، وفق مرصد الشرق الأوسط في واشنطن.
أما حل الدولتين الذي يحظى بإجماع عالمي فإنه لا زال يراوح مكانه بسبب التطرف الإسرائيلي، حيث أظهر تصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة (ديسمبر 2024) أن 162 دولة تدعم الاعتراف الكامل بفلسطين، بينما تواصل إسرائيل تفكيك أساسيات الحل عبر قوانين عنصرية، مثل قانون «القدس الموحدة» (2025) الذي يمنع أي مفاوضات حول تقسيم المدينة. وعلى النقيض، أطلقت قمة فلسطين التي عقدت في القاهرة قبل ايام خطة عربية مهمة قد تشكل مدخلا مهما للوصول إلى السلام الشامل في المنطقة، لكن إسرائيل رفضتها حتى قبل دراسة بنودها.
في ضوء كل صور التطرف والعدوان والاستفزاز التي تمارسها إسرائيل في المنطقة ماذا ينتظر العالم؟ ألم يحن الوقت بعد لوقف هذا السلوك العدواني و الاستفزازي ضد دول وشعوب المنطقة؟ أم سيبقى المجتمع الدولي صامتا حتى تقود إسرائيل بتطرفها المتزايد المنطقة إلى حرب دينية طاحنة لا تبقي ولا تذر ولن ينجو منها أحد. ــ الراي