غزة مقابل طهران؟ تلميحات إسرائيلية عن صفقة خفية.. نتنياهو مستعد لوقف الحرب مقابل ضربة لعدوه اللدود

تقول مصادر في إسرائيل إن ما يجري في رفح من تدمير وتهجير سيتم استنساخه في خان يونس أيضًا، وذلك كجزء من خطة عسكرية يُصمّم فيها رئيس حكومة الاحتلال، نتنياهو، على احتلال 70% من القطاع، وحشر أهالي غزة داخل 30% منه، فيما تستمر مداولات الصفقة العالقة، رغم توقفها في الدوحة، واستعادة الطاقم المفاوض الإسرائيلي.
وتنقل صحيفة "يديعوت أحرونوت”عن كبار ضباط الجيش قولهم إن العمليات العسكرية في القطاع تخدم بشكل مباشر هدف استعادة المخطوفين، وإن عملية توزيع المساعدات الإنسانية، في الأسبوع القادم، بطريقة جديدة ستُغير اللعبة، وتُزعزع مكانة "حماس” نحو حسمها.
باراك: نحن بحاجة إلى قيادة توقف الحرب العبثية، تنهي الكارثة الإنسانية في القطاع، وتعيد المخطوفين دفعة واحدة، وتقتلع "حماس” من سدة الحكم
في المقابل، يواصل مراقبون ومسؤولون إسرائيليون سابقون التشكيك في ذلك، مؤكدين أن نتنياهو يقود حربًا بلا هدف ولا جدوى، دوافعها سياسية.
وتحت عنوان "تحرير مخطوفين أم حرب تضليل”، يقول إيهود باراك، في مقال تنشره صحيفة "هآرتس” اليوم الجمعة، إن نتنياهو سيُضطر في الأيام القريبة إلى الاختيار بين بن غفير وسموتريتش، وبين ترامب وقادة العالم الحر، بين حرب تضليل سياسية، وبين استعادة المخطوفين وإنهاء الحرب.
ويرى باراك أنه لا توجد هنا حالة تماثل؛ حتى الذهاب مع ترامب وقادة فرنسا وبريطانيا سيكون منوطًا بمصاعب، وهناك حاجة إلى قيادة يقظة، مدججة بالثقة بالنفس، ولرؤية تستطيع قراءة نفوس الشعب، وما يحرك الأصدقاء والأعداء، والأهم شجاعة اتخاذ القرارات وقوة تنفيذها، مع أقل كلمات غطرسة، وأكثر أفعال.
ويمضي باراك في تصوير المطلوب: "بحاجة إلى قيادة توقف الحرب العبثية، وتنهي الكارثة الإنسانية في القطاع، وتعيد المخطوفين دفعة واحدة، وتقتلع "حماس” من سدة الحكم، وتنتزع قدرتها على تهديدنا، وتنضم، ولو بتأخير، إلى "الشرق الأوسط الجديد” في طبعة ترامب الشاملة، تطبيعًا مع السعودية، والمشاركة في "طريق التجارة” من الهند إلى أوروبا”.
ويُحذّر باراك من أن الحرب تتنكر في هيئة حرب على أمن الدولة ومستقبلها، وهي في الواقع حرب مضللة سياسية، حرب من أجل سلامة الائتلاف.
ويمضي في تحذيراته: "الحرب فصل حماقة جديد، ومن المشكوك في قدرتها على أن تأتي بنتائج مختلفة عن نتائج العمليات العسكرية السابقة، لكن المؤكد أنها ستُعمق عزلة إسرائيل دبلوماسيًا وقانونيًا، وتُوقظ موجات من اللاسامية، وتفرض حكمًا بالموت على قسم من المخطوفين. "الانتصار المطلق” على "حماس” لن يحدث، لأنه عندما تتوقف العمليات، خلال مدة قصيرة نسبيًا، تحت ضغوط دبلوماسية، على خلفية الكارثة الإنسانية أو أحداث في الميدان، سنجد أنفسنا مجددًا في ذات الوضع، كما هو الحال اليوم”.
ويرى باراك أن الطريق الوحيدة للانتصار على "حماس”، منذ السابع من أكتوبر، تكمن في استبدالها بجهة سلطوية أخرى تكون ذات شرعية في وعي المجتمع الدولي، وفي القانون الدولي، وفي نظر الجارات العربية، وبعيون الفلسطينيين أنفسهم.
وهذا يعني، برأي باراك، قوة عربية مؤقتة بتمويل دول الخليج، وحكومة تكنوقراط فلسطينية، مع بناء جهاز أمني يتم تطويره تدريجيًا برقابة عربية- أمريكية، مع شرط إسرائيلي باستثناء أي شخص انتمى للذراع العسكري التابع لـ "حماس”، مع انسحاب إسرائيلي تدريجي، ينتهي عند استقرار التدابير الأمنية المتفق عليها مسبقًا.
وينبّه إلى أن نتنياهو يتهرب من هذا السيناريو، محذرًا من أن عناد إسرائيل في تحاشي النقاش حوله سيزيد من مخاطر المبادرة الدولية الواسعة، والعربية، لمقاطعة إسرائيل والدفع نحو دولة فلسطينية، فـ”التسونامي السياسي الآن يرتفع مقابل أعيننا”.
ويخلص باراك إلى القول إن احتلال القطاع، وتهجير مليوني فلسطيني، وبناء استيطان جديد، كل هذه الأمور أحلام فارغة ستعود كيدًا مرتدًا على إسرائيل وتحث على المواجهة مع بقية العالم. هذه هي الخيارات الماثلة أمامنا، ومن المشكوك فيه أن يواجهها نتنياهو ووزراؤه من منطلق القلق على أمن الدولة ومستقبلها. وهاكم سبب إضافي للحاجة الملحّة لخلع هذه الحكومة الفاشلة جدًا عنّا، وكلما أبكرنا، كان أفضل”.
وهذا ما تؤكده صحيفة "هآرتس”، في افتتاحيتها، المُكرّسة لهجوم جديد على نتنياهو، معتبرة أن مؤتمره الصحافي الأخير يُبرز حجم الخطر، وحجم الحاجة للتخلّص من هذا الرجل الخطير.
هذا الواقع يا أحمق
وسبق باراك في توصيف الحالة الراهنة، التي تُرتكب فيها جرائم حرب من قِبل إسرائيل دون اكتراث بالعالمين الغربي والعربي، كلٌّ من النائب السابق وقائد جيش الاحتلال يائير غولان، ورئيس الحكومة الأسبق إيهود أولمرت، ووزير الأمن الأسبق موشيه يعلون، وآخرون.
وينضم عدد من المحللين البارزين إلى موجة الانتقادات المتصاعدة ضد نتنياهو، خاصةً أنه متهم، اليوم الجمعة، بدفع البلاد نحو أزمة دستورية، من خلال تعيينه جنرالاً في الاحتياط رئيسًا لجهاز "الشاباك”، في خطوة مخالفة لتعليمات المستشارة القضائية للحكومة.
ويذهب المحلل السياسي البارز في القناة 12 العبرية بن كاسبيت إلى حد القول إن نتنياهو يدفع البلاد نحو حرب أهلية و”إحراق الدولة” في لعبة أشبه بـ”الروليت الروسية”. ويتبعه محلل الشؤون السياسية في "هآرتس”، يوسي فرتر، الذي يكتب تحت عنوان "خدعة القرن”، قائلاً إن "نتنياهو كاذب، وبالنسبة له لا يوجد كذب لا يبرر الوسيلة، وهو يحطّم مجددًا آمال عائلات المحتجزين”.
بن كاسبيت: نتنياهو يدفع البلاد نحو حرب أهلية وإحراق الدولة في لعبة روليت روسية
في المقابل، هناك تقديرات متشابهة ومتفقة لدى عدد من المعلقين والمحللين الإسرائيليين حول وجود صلة بين الحرب على غزة وبين ضربة محتملة في إيران، ما يشير إلى تسريبات عن مداولات تجري خلف الكواليس ووصلت إلى بعض الصحافيين الإسرائيليين، رغم أن المحادثات بين واشنطن وطهران توصف بأنها إيجابية وتتقدم، وفق تقارير وتصريحات عديدة.
وتحت عنوان "هذا هو الواقع يا أحمق”، يقول المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس”، عاموس هارئيل، إن مشكلة إسرائيل ليست في أقوالها، بل في أفعالها؛ فاليوم تقتل مدنيين أكثر من أي وقت مضى منذ تأسيسها، فيما لا يدرك قادة الحكومة والجيش عمق الأزمة الدولية. ويُلفت إلى وجود أفكار متداولة حول صفقة مقايضة مطروحة: إنهاء الحرب في غزة مقابل توجيه ضربة في إيران.
ويتقاطع معه المحلل السياسي البارز في صحيفة "يديعوت أحرونوت”، ناحوم بارنياع، الذي يقول، في مقال بعنوان "يقبرون غزة”، إن "الجيش يشق الطريق نحو تحقيق حلم المسيانيين الغيبيين في الحكومة”، ويتابع: "كل ما بقي من غزة ركام عملاق، يتحوّل الاستيطان إلى حل مؤقت، بل إلى ضرورة”، محذّرًا من أن إسرائيل "متورطة في بئر سياسية عميقة”، وأن قصة إطلاق النار قرب دبلوماسيين في جنين تمثل "سمًا إضافيًا في كأس الحنظل”.
ويتبعه زميله المحلل السياسي نداف أيال، الذي يقول إن "حكومة نتنياهو تشعر بالفتور من جهة إدارة ترامب، وقد توافق على إنهاء الحرب مقابل توجيه ضربة في إيران”. ــ القدس العربي