الأخبار

كامل النصيرات : وهجُ الميلاد

كامل النصيرات : وهجُ الميلاد
أخبارنا :  

ها قد أطلّ علينا موسم الميلاد بحُلّته المتوّجة بالأضواء والتسابيح، فتجد النفوس موقِدةً مصابيح الفرح في أركان القلب، تتهامسُ بما في صدورِها من مودّة وسكينة. وكأنّ عطر الميلاد ينتشر في الآفاق، يسقي الأرض حبًّا، ويغسل الروح أملًا، فيُبعث فينا شعورٌ بالبهجة والتسامح.
في هذه الأيام المباركة، تجتمع العائلةُ حول شجرة خضراء ترمزُ للحياة المتجدّدة، وتنثر من حناياها ألوانًا زاهيةً من البشائر والسّرور. وبينما تُقرع الأجراس في كنائس إخوتنا المسيحيين، ينساب صوتُ التراتيل كخرير نهرٍ عَذب، يراقص الأمل في فضاءات الوطن العربي، من أزقّة عمّان إلى بساتين الشام، ومن ضفاف النيل إلى تخوم المغرب، فتتّسع دوحةُ الأخوّة لتحتضن البشرية جمعاء.
ليس الميلادُ مجرّد ذكرى عابرة، بل هو نداءٌ حيٌّ يتردّد صداه في دواخلنا: «تعالوا إلى أخلاقِ المحبّة، وانثروا بذورها في حقول الحياة». وكلُّ ميلادٍ يفتحُ في القلب نافذةً للنور، يُبدّد غيوم التفرّق ويشحن أرواحنا بقوة الاتحاد والتكافل.
وما أحوجَنا في زمنٍ كثرت فيه المصاعبُ وتشابكت فيه الأفكارُ وتعاظمت الضغوط، أن نستقي من معينِ السلام الداخليّ دروسًا ناصعة، ننهلها من معاني الرحمة والإخاء. فها نحن في الأردن، وفي كلّ أقطار وطننا العربيّ، نتبادل التهاني مع إخواننا المسيحيين، غير آبهين لاختلاف الدين أو العرق، بل راسمين بهذا الانسجام لوحةً بهيّة الألوان، مُفعمة بالودّ وعبير التعايش.
إنّ هذه المشاعر التي تتعانقُ في ضوء الشموع، لا تُفرّق بين روحٍ وأخرى، ولا تعرفُ في القلوب إلا إخلاصًا ورغبةً في تعمير الأرض بصنوف الخير. فليكن حفل الميلاد أجراسًا تدقُّ في أرواحنا قبل مسامعنا، تلهمنا أن نضيء شمعةً في دروب المحتاجين ونمدّ يدنا إلى كلّ مهمومٍ بالعطف والعطاء.
إنّنا لنبتهل أن يظلّ هذا العيد شعلةً من السلام تُزيّن ليالينا، فتسمو بنا إلى آفاقٍ من الإنسانية الصادقة، حيث تتلاحمُ الأيادي وتتصافح الضمائرُ بقلبٍ واحد. ومن قلوبٍ توّاقةٍ للخير، نُرسل باقةً من التهاني وأسمى الأمنيات إلى إخوتنا المسيحيين في الأردن والعالم العربي وفي كلِّ أصقاع الأرض، سائلين الله أن يغدو العامُ الجديد زاهرًا بالبِشر والسؤدد.
كلّ عامٍ وأنتم بألف خير، يا من يضيئون شجرة الميلاد بأنوار السلام والحبّ، ولتكن أيامنا القادمة فصولًا مُثمرةً من التآخي والقيم النبيلة، فما أروع أن نجتمع تحت سماءٍ واحدة ترفرف فيها حمامةُ السلام، وتنادي العالم أجمع أن «كونوا للعالم نورًا وأملًا». ــ الدستور

مواضيع قد تهمك