فايز الفايز : ماذا تنتظر عمان قبل فوات سوريا
في الأخبار التي تتوارد من العاصمة السورية دمشق فإن الرئيس المؤقت وقائد الإدارة السورية احمد الشرع بات يستقبل الوفود من جميع الجهات الرسمية لدول طالما كانت تنبذ قيادة الحكم السوري المتمثل في بشار الأسد، وأولهم الوفد الأمريكي الذي مثلته مساعدة وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأوسط باربرا ليف مع زعيم هيئة تحرير الشام، حيث دار الحديث عن عدة أمور بما فيها إلغاء المكافأة المالية المخصصة لاعتقال الشرع، ما يشي أن هناك نهجا أمريكيا جديدا، اتخذته واشنطن في التعامل مع التنظيم الذي قاد عملية إسقاط الرئيس بشار الأسد قبل نحو أسبوعين.
وعلى التوالي استقبل الشرع رئيس الاستخبارات التركية إبراهيم كالين دمشق حيث تباحثا في عدة أمور لم يتم التصريح بها، وبعدها زار وزير الخارجية التركي هاكان فيدان والوفد المرافق له في مقرة بدمشق ودار حديث مطول بين الطرفين، في المقابل بدأت وزارة الطاقة التركية بترميم خط الكهرباء الممتد من جنوب شرق حلب، و كانت تركيا من أبرز الدول التي اتخذت موقفا مناهضا للأسد منذ اندلاع الاحتجاجات في سوريا عام 2011.
فيما استقبل الشرع أيضا وفدا لبنانياً برئاسة زعيم الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، كما ضم الوفد نجله تيمور وليد ونوابا من كتلته البرلمانية ورجال دين دروز، إذ أنه أول زعيم لبناني يزور سوريا بعد سقوط الأسد، حيث تعهد الشرع بأن بلاده لن تمارس بعد الآن نفوذا سلبيا في لبنان وستحترم سيادته، مكررا أن سوريا لن تتدخل بالشأن اللبناني على الإطلاق وستحترم سيادة لبنان ووحدة أراضيه واستقلال قراره واستقراره الأمني، مضيفا أن القيادة الجديدة ستقف على مسافة واحدة من الجميع.
نحن اليوم الأقرب إلى سوريا وبين الرمثا ودرعا رمية عصى والعديد من العشائر في الجنوب السوري منقسمة بين الطرفين، هذا من ناحية، من ناحية أخرى لا تزال الشاحنات تصل إلى سوريا من الجانب الأردني حيث بدأت منذ أسبوعين رحلات الشاحنات من موانئ خليج العقبة وصولا إلى الحدود السورية، كما أن هناك الحرة السورية الأردنية التي يتقاسمها الطرفان، ولنا الأفضلية في هذا الشأن، فحركة الترانزيت لا تتوقف بالاتجاهين، و قد بدأ التجار السوريون بطلب كميات كبيرة من مادة الإسمنت، إذ إن الإسمنت في الأردن أرخص بكثير من تركيا التي كان السوريون يعتمدونها من تركيا بمبالغ أكبر.
في المقابل لا نزال نراوح مكاننا، وكان الأصل أن نحوز على قصب السبق قبل أي جهة قد تقدم نموذجها السياسي وصدور التعليمات التي لم نعرف عنها أي شيء، رغم أننا الأقرب على دمشق، وهذه لعبة السياسة، فأول الواصلين هم يحوزون أثمانها، وإذا تمعنا بالمشهد السوري الجديد فقد رأينا أن القيادة الجديدة هناك لا تزال تراوح مكانها، حتى أحمد الشرع نفسه قد لا يدري متى يبني سوريا جديدة، فالآلام التي عانها الشعب السوري الشقيق لم يسبقهم بها أحد، في المقابل لا زلنا نحتضن مئات آلاف أشقائنا السوريين الذين انعدم اليقين لديهم، فهم لا يدرون متى رحيلهم وإلى بقائهم في الأردن.
الخلاصة: يبدو علينا قد فرطنا في المضمار رغم وجودنا على حدود التماس مع أقرب نقطة شمالاً، ولو نظرنا أكثر في العين الثاقبة لوجدنا أن الجانب الإسرائيلي سيسرق حصص المياه التي كنا نتفاوض عليها مع الجانب السوري السابق، وهم يمسكون بأراض كان الأولى فينا أن نوقفهم عند حدودهم الوهمية، والسؤال الأهم بعدما تركنا السبق لنصل إلى دمشق أين نحن في هذا المشهد المفتوح لاستقبالات الشرع، ولماذا الصمت عن كثير من الحظوظ التي تمكننا باللعب ولم نستغلها حتى هذه اللحظة.؟
ــ الراي
Royal430@hotmail.com