د. صبري الربيحات يكتب: هشام يانس .. تعب المشوار
وانا اقرأ خبر رحيل الفنان هِشام يانس كنت استمع الى اغنية تقول كلماتها "لأكتب اسمك يا بلادي.. ع الشمس اللي ما بتغيب" وقفز لرأسي سؤالا ظل يختفي ويعود مثل مياه الشلال الاصطناعي.. كان السؤال الذي راودني وغاب ليعود مرة أخرى يقول هل سيبقى اسم هشام يانس ومن هم على شاكلته مكتوبا على الشمس اللي ما بتغيب.
الإجابة نعم وستبقى نعم.. ليس لأن هشام يانس ملياردير وبنى لنا مدنا وابراجا ولا لأنه شيد الجسر الذي تمر عليه آلالف السيارات ولا لأننا حفرنا اسمه على شارع عريض، بل لأن هشام يانس الذي قرر ان يكون المرآة التي نرى فيها ذواتنا.. ولانه غاب عشرات السنين عن المسارح ولم يغب عن قلوبنا..
كانت ابتسامته تبدو وجومنا الابدي كان يعرف ما يضحكنا وما يلهينا وما يصحي عقولنا الشاردة. في جبل الحسين ومن على كل المسارح كان هشام ونبيل يطلان علينا ليعرضا لنا ملامح الشخصية الاردنية الطيبة بكشرتها وبساطتها وكرمها.
لا اظن ان احدا منا نحن الذين عشنا أيام التحام الأردنيين مع اردنيتهم لا يتذكر كيف كان هشام يفجر كشرتنا فيحولها الى ضحكات تتطاير في كل مكان وكيف كان يرينا حجم الاستعداد الآمن في ارواحنا للضحك وللبكاء.
بجرأته المحسوبة كان هشام يضحكنا حد البكاء ويبكينا حد الفرح وهو يذكرنا بأننا سعداء رغم الفقر وشبعى رغم الجوع، كان يرينا أن الحسين ملكا في الشجاعة وسيدا في الثقة وراهبا في التحمل وبصيرا فيما لا نراه.
كان هشام فنانا يعي ثقافتنا ويحس باوجاعنا ويدرك حدود حلمنا فيلقي بمديته هنا وبمثلثه هناك فيجرح ويعالج ويحسب المساحات المكشوفة والمعتمة في قلوبنا وصدورنا وعقولنا.
لقد فقد المسرح الاردني أستاذا ومعلما وفنانا كان لو توفرت له العناية ان يضعنا على خريطة العالم لكنه تحمل عبء المرض وتعب المشوار الذي اقعده ليتعايش مع تجربة خذلان الصحة وتشتت الخلان الى ان افتقده الخالق.
الرحمة لروحك يا هشام ولا اظن ان بصمتك على نفوسنا وارواحنا ستنجلي او ترحل بل انها باقية على مدى الايام.