ابراهيم عبد المجيد القيسي : هل ما زال الأردن آمنا؟!

ابراهيم عبد المجيد القيسي : هل ما زال الأردن آمنا؟!
أخبارنا :  

في الحقيقة لا يمكن الإجابة حرفيا عن هذا السؤال، بإجابات مقنعة، لأن أمننا او أماننا يتأثر بقضايا الإقليم والعالم، والصراع على أشده، وتدور بشأنه حرب إبادة، والاحتلال يتمدد في أراض عربية مجاورة لبلدنا من كل الجهات تقريبا، ولعل طوفان سوريا لم ينطلق بعد بكامل قوته، فالصراعات والمتصارعين يجهزون المشهد السوري اليوم لمرحلة خطيرة، سيتأثر من تداعياتها الإقليم كله.

في العقد الماضي؛ كان الأردن في عين الخطر القادم من الأراضي السورية، وتجنب الأردن الانخراط في الصراعات التي انطلقت منذ عام 2011 في سوريا، ورفض أدواراً دولية، كان من شأنها توريطنا حتى يوم الدين، فالتزم الأردن بمبادئه ولم يدخل غمار الصراعات، ومع ذلك وعلى صعيد الأمن، تأثرنا، وأصبحت حدودنا الشمالية مسرحا لمحاولات عبور المخدرات التي تقوّض استقرار أي مجتمع ونالت من مجتمعنا ما نالت، وما زالت، وكذلك على صعيد تصدير الإرهاب، ثمة قضايا ومشاكل وملفات ومحاولات كثيرة، تم إحباطها من قبل أجهزة أمننا وجيشنا، ولم تصل إلى الإعلام، وبعضها وقع فعلا، واستنفد من جهود الأردن الكثير، بل وتعرضنا لحوادث أمنية، وبذلنا أرواحا عزيزة وشهداء..

وغير بعيد عن فقدان الأمان، عانى الأردن اقتصاديا بسبب الأزمة السورية التي امتدت لأكثر من عقد من الزمان، وليس فقط على صعيد قدرات الدولة في مجال تقديم الخدمات لشعبها، والتي تأثرت بموجات اللجوء السوري، وبروز تحديات مفاجئة بالنسبة للدولة وإمكانياتها ومواردها الطبيعية، وبتيتها التحتية، بل أيضا تقهقرت التجارة والاستيراد والتصدير مع أهم سوق تاريخيا، تربط الأردن بالخارج، وحاولت الدولة الأردنية بشتى السبل ان تذلل بعض الصعوبات، أو تقلل من آثار إغلاق الحدود السورية الأردنية في وجه البضائع المحلية والعابرة باتجاه أوروبا او القادمة منها، وانعكاسات ذلك على كلفتها وأسعارها...

وتعرض الأمن والاستقرار لمزاج «جيوسياسي» خارجي وداخلي، متأثر بالأزمة السورية، ونظرا للترابط الاجتماعي والشعبي الكبير بين الشعبين (الأردني والسوري)، انطلقت معارضات وظهرت انقسامات حادة في الرأي على خلفية تلك الأزمة، أشغلت الدولة الأردنية، وربما ما زالت تشغلها.. وكل هذا لم يتوقف بعد، ونتمنى أن تستقر سوريا فعلا، ليتوقف التهديد.

على الصعيد الشخصي اتوقع أن تتأفغن القضية السورية، وتظهر الانقسامات من جديد، سيما والتدخلات الدولية حاضرة، فإسرائيل المجرمة، تتمدد وتبتهج باحتلال وتدمير سوريا امام صمت السوريين أنفسهم، قبل صمت العالم المنقاد للحركة الصهيونية، وثمة في الشمال السوري بؤرة صراع بين الأكراد وتركيا، لا بد ستنفجر من جديد، وتسابق الزمن، لتدارك الخطر القادم من التحالف الكردي -الإسرائيلي تحت الرعاية الأمريكية، بالإضافة إلى الذئب اللبناني المتمثل بحزب الله وارتباطاته الإيرانية.. وهذه محاور ليست سهلة إن انفجرت في صراعات جديدة، تهدف للبقاء او تسعى للمحافظة على أمنها واستقرارها، يضاف إليها الخطر الكبير، وهو «الإرهاب» العقائدي..

الأردن؛ أمام خيارات صعبة، وليس من السهولة أن يندمج مع مثل هذه الأطراف، او يندرج ضمن قوائم المرتزقة التي تبيع ادوارها وأوطانها لتجار الحروب والثورات، لهذا ولغيره من الأسباب، يمكننا القول بأننا «أمنيا»، أمام مرحلة صعبة، يجب علينا معها أن نعزز جبهاتنا كلها لا سيما الداخلية منها. ــ الدستور

مواضيع قد تهمك