بشار جرار : شلل «غير شكل»!
«لكل شيخ طريقته». هكذا يسارع البعض إلى تبرير ما هو خارج عن المألوف عرفا أو قانونا. لنقل تجاوزا «ماشي الحال». لكن بعض ما تخرج به شلل التغيير المهجّن أو المستعجل أو المستأجر على نحو التوظيف بالوكالة أو من الخارج عبر عاملين محليين فيما يعرف ب «آوْت سورسِنغ»، بعضه ليس فقط «غير شكل» بمعنى مختلِف بل يريد أن يغيّر حتى شكل المألوف في عيون ليس فقط المتفرجين، بل المعنيين أيضا في جراءة فجّة.
منذ زعمت بعض الشلل -حكومية أم أهلية التمويل، وبالتالي التوجيه- منذ خدعت الرأي العام بأنها «غير شكل» في خدماتها ومقطوعة الوصف، روجت همسا وجهرا أن أدوات الحشد والتأييد والتشبيك، أو بالأحرى «التزبيط» من المُبَرَّر هي الأخرى أن تكون «غير شكل»، تماما كذلك المنطق الذي أسقط مفهوم العدالة تلك السيدة الحرة عاصبة العينين التي لا تميز أحدا ولا حتى إيجابيا، وهي تحمل السيف (سيف الحق) بيمينها وميزان (العدل) في يسارها أو العكس. قامت تلك السيدة بعد إزاحة العصبة عن إحدى عينيها بإسقاط العدالة المجردة الموضوعية واستبدلتها بأخرى على «كيف كيفك»، عدالة بمقاس فضفاض مطّاط، عدالة «لبّيسة»، سموها عدالة نوعية نسبية مرحلية! «إكْوِتِ» عوضا عن «إكْوَلِتِ» حتى تحابي الأولى ما تراه في العدالة من اختلال أو ازورار!
ولأن معلميهم وراء البحار ومالكي مصارف تمويلهم عابرة للقارات، أتى عتاب المحبين قبل أيام على مسألة تخص أسس التعيين لشاغر بصرف النظر عن كونه منصبا أو حتى منحة أو جائزة. الخوض في المنابت والأصول لغايات وأجندات ليست خالصة النية أو على الأقل واضحة النوايا، مسألة عرفها الناخبون الأمريكيون في السنوات الماضية حيث تم التصويت ضد تلك الأجندة وتمت في انتخابات التجديد النصفي للكونغرس 2022والرئاسية 2024محاسبة تيار اليسار والعولمة المتغول على حريات الناس وأوطانهم وحتى بيوتهم ومدارسهم! تمة المحاسبة انتخابيا وقضائيا أيضا، هنا على بعد بضعة أميال من بيتي في ضواحي واشنطن.
بدأت القصة بتراكم ما أثار اهتمام فاستهجان فامتعاض الأهالي. مدرسة «توماس جيفرسون» أحد الآباء المؤسسين والرؤساء العظام مدرسة عمومية -قطاع عام- معروفة في أمريكا كلها وليس ولاية فيرجينا وحدها -في مقاطعة أنانديل بضواحي العاصمة واشنطن، معروفة بأنها مقصورة على الطلبة النابغين في المرحلة الثانوية. بات المجلس القائم على إدارتها فيما بدا طلبا لود اليسار المنحل المختل أو تزلفا للسلطة أو خوفا من سطوة المانحين أو الممولين، بات «المجلس» يعبث في معايير القبول المدرسي والتوصية الجامعية. دون الدخول في الخلفيات الإثنية والخصوصية الأمريكية، قام هؤلاء بتغيير معايير الاختيار بما يرونه مبررا لتحقيق عدالة وفق منظورهم الحزبي وأجندتهم السياسية الاجتماعية الاقتصادية العالمية لا الأمريكية فقط.
هذا الطرح «الغير شكل» لتلك الشلل لا يستهان بشروره في ميادين عدة منها التعليم والتوظيف والمنح والجوائز والدورات والمنتديات والمؤتمرات والخلوات. هذا الطرح الخطر كما اللعب بالنار وهو لا يقتصر على الضجة التي تم طيها بحكمة قبل أيام في عمّان التي في «حجم بعض الورد»، باعتذار علني على صيغة «تنويه» فاحت منه رائحة -شذى- الاعتذار والتراجع بودّ عن غلطة غير مقصودة، لاستبعاد الأردنيين من أصل أردني أو أمريكي مثلا، عن زمالة أختنا الشهيدة الأردنية الفلسطينية الأمريكية، شيرين أبو عاقلة الحائزة على وسام ملكي من لدن سيدنا جلالة الملك عبدالله الثاني، تسلمه أخو الشهيدة نيابة عن أسرتها وزملائها الصحفيين، في عيد استقلال المملكة الأردنية الهاشمية، هذا التراجع «الأريجي» عن الخطأ فضيلة، يستوجب شكلا من أشكال المتابعة الأخوية التي قد يفيد آخرين محليين وأجانب، في إطار «عتاب المحب».. ـ الدستور