م. فواز الحموري : بعيداً عن الانفعال
يمكن وبسهولة متابعة الانفعال على وسائل التواصل الاجتماعي كافة حين نشر خبر معين وكذلك الصور ومقاطع الفيديوهات والمعلومات والتي غالبا ما تنتشر بسرعة فائقة ويتم تداولها دون تمهل وتدقيق ومراجعة ومخافة الله، ليكون من ثم الانفعال سيد الموقف والحقيقة التي لا يمكن انكارها نظرا لانتشارها الواسع وعدم التفكير في مجرد انكارها.
عبر الفضاء الإلكتروني والوسائل المتاحة لتلقي الأخبار والمعلومات وتصديقها لمجرد أنها بثت ووصلت وتناقلت من خلال الجميع وأصبحت ثابتة لا يمكن سوى تصديقها واعتبارها المرجع وخصوصا ما يلتصق بالأحداث السياسية الراهنة وعلى سبيل المثال ما حدث في سوريا الشقيقة وسيل ما بث من معلومات ينبغي التوقف قبل نشرها وتداولها لتحري الدقة على أقل تقدير.
بات من الصعب إقناع أي من المتلقين للمعلومات عبر وسائل التواصل الاجتماعي بأن صحة الكثير منها لا ترقى إلى درجات من المرجعية وخصوصا تلك التي تشير إلى الأحاديث النبوية الشريفة والتفاسير وبعض القراءات والروايات غير الصحيحة.
الانفعال وراء ما يحدث من خلل وملاحقة الأخبار وتصديقها ومتابعة مواقع ومنشورات وأشخاص لم نسمع بهم من قبل وصور يمكن تعديلها والعديد من وسائل التسلية والتي تصبح فيما بعد مراجع موثقة لاثبات الكثير من المواقف والأحكام.
ثمة العديد من المواقع العلمية الموثوقة والتي تنشر الكثير من نتائج الدراسات والأبحاث والتي لا يلتفت إليها البعض عندما تنشر، بل يذهب إلى معلومات على شكل إعلانات لمنتجات ومستحضرات «يقال» إنها تعالج بعض المشاكل الصحية فورا.
الإعلام المعاصر وتدفق المعلومات عند حدوث أزمات معينة، كفيل بايجاد حالات من الانفعال وعلى كافة المستويات والفئات، ولعلنا نشير إلى مجموعات واسعة ممن يصدقون وبشكل كامل ما يأتيها عبر «الموبايل» من معلومات غير قابلة للنقاش أبدا.
ثقافة الانفعال يمكن ملاحظة آثارها في قيادة السيارات وعند الدور وفي مواقع وتصرفات وسلوكيات عديدة تحتاج إلى صبر وحكمة وتدبر فقط لاستيعاب الموقف والتحكم في رد الفعل والكثير من مواقف الحياة التي بعد مراجعتها يكون الندم على التسرع والانفعال دون رشد وتعقل.
أوافق على قرار مدعي عام عمان حظر نشر أي معلومات تتعلق بواقعة حريق جمعية الأسرة البيضاء نظرا لما تقتضيه طبيعة التحقيق الخصوصية ولما تتناوله التعليقات والاشاعات والمغالطات من الانفعال والذي يؤذي كثيرا.
يشهد للمدرسة الأردنية الأمنية البراعة والمهنية والاحترافية والإتقان والسيطرة والتحكم وتلك مقومات ما نتمتع به من استقرار وضبط لا تقدر بثمن عندما نشاهد ما يجرى وحدث من نتائج الانفعال والتوتر وفقدان السيطرة.
ما أحوجنا في الظروف الراهنة إلى التأكيد على أهمية الوعي العام والحرص واليقظة والتماسك والانتباه وعدم الانفعال والانسياق وراء المشاعر وردود الافعال الموجه؛ علينا التعامل بمسؤولية فائقة وأمانة لكل تصرف وسلوك وفعل وتفاعل فليس صحيحا ما يبدو قابلا للدهشة والتصديق.
نحمي أنفسنا وبلدنا بعدم الانفعال وحين نكون في مواقع الدفاع عن كل منجز وطني والمحافظة عليه والعمل على تقدمه أكثر وأكثر، وعندما نعي ما نستقبل ويصل إلينا عبر وسائل يمكن الاستغناء عنها بصعوبة ربما ولكن يمكن اعتبارها هدفا قابلا للتحقق.
«تحقق» قبل أن تنفعل وتتصرف، قاعدة تبعدنا عن اخطار كثيرة؛ ثمة ما يستحق في الحياة من تدبر وتفكر وتدقيق ومراجعة وصبر وروية وتلك نجاة ومناجاة وراحة بال وسعادة لا توصف. ــ الراي
fswazyan@hotmail.co.uk