الأخبار

العين د. زهير ابوفارس يكتب: الأردن دولة راسخة

العين د. زهير ابوفارس يكتب: الأردن دولة راسخة
أخبارنا :  

مع احتدام وتيرة الصراع في المنطقة، وتحديدا الإمكانيات الحقيقية لامتداد تداعياته نحو بلادنا، وبخاصة مع وجود زمرة يمينية صهيونية،مسلحة بايدولوجيات قومية-دينية، معباة بالعنصرية إلى درجة الفاشية.. تطفو على سطح ساحتنا السياسية، بين الفينة والأخرى، مواقف بعضها واقعي، ينطلق من المصلحة الوطنية العليا، يطالب بضرورة الاستعداد لكافة الاحتمالات والتحديات والاخطار التي يمثلها هذا العدو الموغل في العدوانية، والذي لا يخفي أطماعه التوسعية لتشمل الإقليم بكامله، ومنها تعزيز الجبهة الداخلية، وحشد الطاقات الشعبية وتوجيهها لتك?ن جاهزة لحماية الوطن، ورديفا وداعما لقواتنا المسلحة الباسلة واجهزتنا الأمنية..

ويقينا أن توالي الأحداث وتداعياتها في فلسطين، وتحديدا ما يجري في غزة، وما يخطط له جديا في الضفة الغربية من محاولات ومخططات تهجير سكانها بوسائل مختلفة..يدعو إلى اليقظة والحذر، والعمل على الأرض من منطلق الخطر الحقيقي الذي تمثله القيادات الصهيونية قولا وعملا، والذي يبدو واضحا ما تحضر له لتنفيذ مخططاتها في ضم المستوطنات، ومعها مناطق (ج) التي تشكل ما يقارب ثلثي مساحة الضفة الغربية، وإذا ما أضفنا إليها أطماعها المعلنة في غور الأردن(الفلسطيني)، فإننا سنكون أمام خطر ضم ما يقارب ال ٨٠ في المائة من الضفة الغربية، وم? يرافق كل ذلك من احتمالات التهجير باشكاله المختلفة(القسري والسياسي)، كل ذلك سيشكل خطرا داهما على أمن واستقرار ومصالح المملكة، بل ويرتقي إلى اعلان حالة الحرب على الدولة الأردنية وتهديد مصالحها الوطنية العليا.

في المقابل، هناك في بلادنا من يرى ان هذه الأخطار المحدقة تتطلب مواقف وإجراءات تحركها العواطف، بعيدا عن المؤسسية التي تمثلها الدولة الراسخة، وهي بالتالي، تكون أقرب إلى عقلية وممارسات المليشيا التي تقود إلى المغامرة، أو ما يشبه الانتحار الذي لا يؤدي إلا إلى الفوضى، وتبديد الجهود فيما لا طائل منه. فالاندفاعات ذات الأبعاد الشعبوية، وتثوير، وتأجيج المشاعر، واتخاذ المواقف التي تقودها العواطف، غالبا ما تكون نتائجها مكلفة وماساوية، خاصة عندما يتم تجاهل الواقع العربي والاقليمي والدولي. ويقينا ان حر ب حزيران لعام ١٩?٧،التي التي تمت دونما تحضير حقيقي، وفق نهج الإثارة إياه، والحشد الذي لا يقوم على أسس قوية، تعتبر تجربة أليمة، بل والتي ساد فيها ما يمكن تسميته «بارهاب الموقف» الذي ساد في تلك اللحظة التاريخية، وكان السبب الأهم في الهزيمة وخسارة ما تبقى من أرض فلسطينية، إضافة إلى الجولان وسيناء(وهي إشارة قد لا يعجب البعض طرحها بهذه الصراحة والوضوح، كما

وقد تفهم في غير سياقها).

وأخيرا، فإن ما نطرحه الساعة في مسألة الأخطار المحدقة ببلدنا، والمواقف والإجراءات الواجب اتخاذها ازاءها ليست، باي حال، دعوة للاستسلام للواقع الذي يفرض نفسه علينا، شئنا ام أبينا. فالأردن ليس، ولن يكون ساحة نفوذ او حرب مستباحة من اي جهة خارجية، والقرارات الاستراتيجية الكبرى يجب أن تكون مدروسة، وان تتم في إطار ها العربي. لكننا، في الوقت ذاته، لن نتوانى، ولو للحظة، في الدفاع عن وطننا تجاه اي عدوان، مهما غلت التضحيات، في حال فرضت علينا المواجهة.

ان موقفنا تجاه ما يجري من أحداث يكمن في ضرورة التحضير الدؤوب، الممنهج والمدروس بعناية لكافة خطواتنا القادمة، في إطار دولة القانون والمؤسسات الراسخة، بتعزيز الجبهة الداخلية، والمضي قدما في مشروعنا الوطني للتحديث الشامل، ودعم واسناد قواتنا المسلحة الباسلة، والالتفاف حول قيادتنا التي تتميز بالحنكة والحكمة، وتمتلك رصيدا دوليا هائلا، وتتمتع بمكانة مميزة على كافة الاصعدة والمستويات إقليميا ودوليا، وتشكل حالة توازن واستقرار في المنطقة، إضافة إلى الاحترام والشرعية التاريخية التي تتمتع بها. فهذه هي العناصر الاهم في?معادلات الصراعات الجيو-سياسية في المنطقة، وهي الكفيلة، إضافة إلى قوتنا الذاتية، بحماية الأردن وهويته الوطنية، في مواجهة الأخطار، مهما كانت. وخلاف ذلك، فإن استثارة وتأجيج العواطف، والانجرار نحو العمل المغامر الذي يكون صدى لصوت الشارع، يمثل مغامرة وانتحارا، وتفريطا بالوطن ومكتسباته، والذي هو امانة في اعناقنا جميعا.فالشعبوية المغامرة لم ولن تكون خيارنا،ولن تمر بذكاء شعبنا وحنكة وحكمة قيادتنا، التي تقود سفينتنا دائما إلى بر الأمان.. ــ الراي

مواضيع قد تهمك