الأخبار

هاني الهزايمة : خطة الجنرالات في قطاع غزة: كارثة إنسانية ومؤامرة تستهدف مستقبل المنطقة

هاني الهزايمة : خطة الجنرالات في قطاع غزة: كارثة إنسانية ومؤامرة تستهدف مستقبل المنطقة
أخبارنا :  

ما يجري في قطاع غزة اليوم ليس مجرد فصل آخر من فصول الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، بل هو مرحلة خطيرة تعكس خطة عسكرية ممنهجة تُعرف باسم «خطة الجنرالات»، والتي قد تمثل تهديدًا مباشرًا ليس فقط للشعب الفلسطيني، ولكن أيضًا لاستقرار المنطقة بأسرها. هذه الخطة، التي اقترحها الجنرال الإسرائيلي السابق غيورا آيلاند وتبناها عدد كبير من قادة الجيش الإسرائيلي، تمثل تحولاً نوعيًا في السياسات العدوانية تجاه غزة.

تم وضع خطة الجنرالات في سبتمبر/أيلول 2024، وتهدف إلى تهجير سكان شمال قطاع غزة قسراً من خلال فرض حصار شامل على المنطقة. الحصار الذي تتبناه هذه الخطة لا يشمل فقط منع دخول الأسلحة أو الموارد العسكرية، بل يمتد ليشمل المساعدات الإنسانية، مثل الغذاء والدواء، بهدف تجويع من تبقى من المدنيين والمقاومين على حد سواء. الهدف من هذا الحصار القاسي هو دفع سكان غزة إلى خيارين لا ثالث لهما: إما الموت جوعًا أو الاستسلام الكامل.

هذه الخطة سابقة خطيرة في الصراع، حيث تسعى إلى تحويل شمال القطاع إلى «منطقة عسكرية مغلقة»، بعد القضاء على أي وجود لحركة حماس. الجنرالات الذين دعموا هذه الخطة يرون أن الحصار هو الوسيلة الأكثر فعالية لإنهاء الحرب وتقليل عدد القتلى بين الجنود الإسرائيليين، لكن هذه المقاربة تتجاهل تمامًا التكاليف الإنسانية والجرائم التي تترتب عليها.

ما يتم تجاهله عمداً في خطة الجنرالات هو المعاناة الإنسانية التي ستلحق بأكثر من مليون فلسطيني يعيشون في قطاع غزة. الحصار المفروض وفقًا لهذه الخطة ليس مجرد أداة عسكرية، بل هو سلاح ضد المدنيين الأبرياء الذين يعيشون في ظروف معيشية مأساوية. منع دخول المساعدات الإنسانية، بما في ذلك الأدوية والغذاء، هو جريمة حرب بموجب القانون الدولي. فالتجويع الجماعي للسكان يعد انتهاكًا صارخًا لاتفاقيات جنيف، وهو استخدام وحشي للقوة العسكرية لتحقيق أهداف سياسية. على الرغم من أن الخطة تركز على قطاع غزة، إلا أن آثارها الإقليمية قد ت?ون مدمرة. إن تهجير السكان الفلسطينيين من شمال غزة قسراً سيؤدي إلى تدفق أعداد كبيرة من اللاجئين نحو الدول المجاورة، مثل مصر والأردن، مما يزيد من الأعباء الاقتصادية والاجتماعية على هذه الدول. الدول العربية التي تستضيف بالفعل ملايين اللاجئين الفلسطينيين ستواجه تحديات جديدة في التعامل مع هذه الأزمة الإنسانية المتفاقمة.

علاوة على ذلك، قد تؤدي هذه الخطة إلى إشعال نيران الصراعات الإقليمية من جديد، حيث يمكن أن تتحول غزة إلى نقطة انطلاق لمزيد من الهجمات والصراعات في المنطقة. فالخطة تتجاهل التوترات القائمة بين الفصائل الفلسطينية، وقد تؤدي إلى تحفيز المزيد من المقاومة المسلحة ضد الاحتلال الإسرائيلي، مما يزيد من احتمالات التصعيد العسكري.

المجتمع الدولي، وخاصة الدول العربية، يجب أن يتحرك بسرعة لوقف تنفيذ هذه الخطة الكارثية. الصمت الدولي والعربي حيال ما يجري في غزة سيشجع إسرائيل على المضي قدمًا في تنفيذ هذه السياسات العدوانية. يجب على الحكومات العربية أن تتبنى موقفًا موحدًا وواضحًا يدين هذه الخطة، ويضغط على المجتمع الدولي لاتخاذ إجراءات فعالة لمنع تنفيذها.

الدبلوماسية وحدها قد لا تكون كافية، إذ يجب أن يتم التحرك على عدة جبهات: من خلال المؤسسات الدولية مثل الأمم المتحدة والمحاكم الجنائية الدولية، وأيضًا من خلال حملات توعية على مستوى الشعوب لفضح حقيقة ما يجري في غزة وتسليط الضوء على المعاناة الإنسانية التي ستنجم عن خطة الجنرالات.

ما يحدث في غزة اليوم ليس مجرد صراع عسكري، بل هو عملية ممنهجة تستهدف تجريد الشعب الفلسطيني من أرضه وحقوقه. خطة الجنرالات هي تجسيد لسياسات التطهير العرقي والتجويع الجماعي، وهي تشكل تهديدًا مباشرًا ليس فقط للفلسطينيين، بل لأمن واستقرار المنطقة بأسرها. يجب على الامتين العربية والاسلامية ان تدركا أن ما يحدث في غزة ليس مجرد قضية فلسطينية، بل هي قضية عربية اسلامية وإنسانية تتطلب التحرك العاجل للوقوف في وجه هذا العدوان.

ــ الراي

مواضيع قد تهمك