الأخبار

مصطفى الريالات يكتب : حديثُ ولي العهد.. مضـاميـنُ مهمـة ودلالات عميقة

مصطفى الريالات يكتب : حديثُ ولي العهد.. مضـاميـنُ مهمـة ودلالات عميقة
أخبارنا :  

مصطفى الريالات :

الرئيس التحرير المسؤول جريدة الدستور

حمل لقاء سمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني ولي العهد مع قناة العربية، مضامين مهمة ودلالات عميقة، مستنداً إلى رؤية مستقبلية عملية وواقعية تحاكي آمال وطموحات الجيل الجديد، متناولاً بعقل نيّر العديد من القضايا السياسية والاقتصادية على الصعيدين المحلي والإقليمي، وكذلك جوانب تعكس فكر سمو الأمير ولمحات من حياته الشخصية التي تقدم للمرة الأولى للجمهور الأردني والعربي.

وقد تحدث سمو ولي العهد في هذا اللقاء الأول من نوعه بكل صراحة وعفوية، وعكس حديثه إيماناً كبيراً بمركزية القضية الفلسطينية، التي طالما بقيت حاضرة على أجندة ولقاءات جلالة الملك عبدالله الثاني في مختلف المحافل، مثلما تناول سموه التطورات في قطاع غزة وأهمية التقارب العربي، ومستقبل ملف اللاجئين السوريين والعلاقات التاريخية مع المملكة العربية السعودية وكذلك العلاقة مع إيران.

لقد قدم سمو ولي العهد رؤية شاملة في عدد من القضايا المهمة في الشأن المحلي بما فيها الهوية الوطنية والتحديث السياسي، وأكد أن الكفاءة معيار لبناء الثقة بمن حوله، ونظرته لدوره كولي للعهد، وتطرق إلى علاقة مؤسسة القصر بالمواطنين، مثلما حملت المقابلة عدداً من الأمثلة التاريخية التي عكست إدراك الأمير لمحطات مفصلية في مسيرة الدولة، واستطاع احتواء عدد من الأسئلة المثيرة للجدل وتقديم إجابات متزنة وعقلانية.

وتميز لقاء سمو ولي العهد بإظهار جانب شخصي وإنساني لا يعرفه الكثير من المتابعين عن حياة سمو الأمير، بما فيها لمحات من تجارب عاشها كمنتسب للقوات المسلحة، وخلال فترة دراسته في ساندهيرست، وحياته العائلية مع جلالة الملك وجلالة الملكة.

واستعرض سمو ولي العهد في الجانب الأول من اللقاء أبرز الظروف الصعبة التي واجهها الأردن في الخمسة والعشرين عاما الأخيرة التي أمضاها جلالة الملك في موقع القيادة، ومن هذه الظروف الأزمات التي لحقت بالدول المحيطة وتسببت بخسائر اقتصادية كبيرة مثل انقطاع الغاز المصري وإغلاق الحدود التجارية مع سوريا، وسلط سموه الضوء على نهج جلالة الملك في القيادة، الذي يرتكز على الصدق والالتزام بالمبادئ، كما أوضح أن ما يميز الأردن هو الاتزان وضبط النفس والعقلانية في التعامل مع الظروف الصعبة، وقد بدا هذا جلياً في عدد من اللحظات التاريخية التي فضلت فيها القيادة الحفاظ على مصالح الأردنيين على المدى الطويل، بدلاً من اللجوء للقرارات الشعبوية.

وعن ثقة الأسرة الدولية بالأردن والمكانة التي يحظى بها، تطرق سمو الأمير للعلاقات الدولية المتميزة التي يتمتع بها الأردن، والتي أكسبته احتراماً ومكانةً على الصعيد الدولي، وأرسى دعائمها جلالة المغفور له الملك الحسين بن طلال، وطورها وعززها جلالة الملك عبدالله الثاني. وبالرغم من الإشادة بمنعة واستقرار الأردن، وقدرته على الخروج سالماً معافى من الكثير من المحطات الصعبة إقليمياً ودولياً، إلا أن سموه كان واضحاً في رؤيته للمستقبل بأن العمل المضاعف مطلوب للفترة المقبلة لزيادة الاكتفاء الذاتي، وتطوير الاقتصاد، وجلب الاستثمار، وفتح أسواق جديدة، ورفع الكفاءة في القطاع العام.

وحيث إن القضية الفلسطينية بقيت محور اهتمام الهاشميين، فقد عبر سمو الأمير عن الألم والغضب والصدمة التي شعر بها جراء المشاهد المروعة القادمة من غزة، وعبر عن فقدان شعوب المنطقة ثقتها بمصداقية المجتمع الدولي متسائلاً عن عدد الأبرياء الذين يجب أن يفقدوا حياتهم قبل أن يتحرك العالم.

وفي هذا السياق أكد سموه أن الأردن يخوض معركة دبلوماسية وسياسية منذ بداية الأزمة، وشدد على التزام الأردن بمساعدة الأشقاء الفلسطينيين بالرغم من الكلف السياسية والاقتصادية، وأن الأردن القوي هو القادر على مناصرة القضية الفلسطينية.

وفي معرض الحديث عن فرص تسوية الصراع العربي الإسرائيلي، أكد سمو ولي العهد أنه منذ مبادرة السلام العربية عام ???? كان هناك إجماع عربي على أن منح الفلسطينيين حقوقهم وإنهاء الاحتلال هو الشرط لتطبيع العلاقات مع إسرائيل، مشدداً على أن السلام الحقيقي الذي تقبله الشعوب هو الذي يلبي حقوق الشعب الفلسطيني.

وبالانتقال للشأن العربي، حملت المقابلة رؤية إيجابية ومنفتحة على التكامل العربي الواقعي البعيد عن الشعارات العاطفية الرنانة، إذ أكد سمو الأمير على المنافع السياسية والأمنية والاقتصادية التي من الممكن أن تنعكس إيجابياً على المنطقة بأسرها في حال ازداد التعاون العربي، مؤكداً أن الأردن منفتح دائماً على العمل مع أشقائه العرب.

وحول العلاقات مع الشقيقة المملكة العربية السعودية، حملت المقابلة رسائل تأكيدية من سمو الأمير على العلاقات التاريخية والمستقبل المشترك الذي يجمع البلدين، والعلاقة الشخصية التي تربط سموه مع سمو الأمير محمد بن سلمان، وعن لقاءات غير رسمية تعقد كل عدة أشهر، وإعجابه برؤية الأمير محمد الطموحة والتي من الممكن أن تنعكس إيجابيا على جميع دول المنطقة.

وبخصوص العلاقة مع إيران، وتعليقاً من سموه على التقارب الأخير بين عدد من دول المنطقة وإيران، أكد سمو الأمير على رغبة جميع الدول العربية بأن تكون لها علاقات طيبة مع إيران مبنية على مبادئ حسن الجوار وعدم التدخل في شؤون الآخر، كما أكد سموه على استمرار الحوار الأردني الإيراني للتعامل مع كافة القضايا، مذكراً بأن المنطقة مشبعة بالتوترات وسوف تستفيد من معالجة أسباب التوتر.

وهذا الموقف الدبلوماسي من إيران لم يتعارض مع رسائل حازمة من سمو الأمير أكدت التزام الأردن بحماية أمن شعبه وأرضه من أي محاولة لزعزعة الاستقرار، وقراره بألا يتحول الأردن إلى ساحة لتصفية الحسابات إقليمياً. ــ الدستور

مواضيع قد تهمك