الأخبار

حسام الحوراني : العدالة الرقمية الذكية: الذكاء الاصطناعي القاضي والمحامي

حسام الحوراني : العدالة الرقمية الذكية: الذكاء الاصطناعي القاضي والمحامي
أخبارنا :  

مع تغلغل الذكاء الاصطناعي في مختلف مجالات الحياة، بدأت تظهر أسئلة حول دوره في المجالات القانونية. لقد بدأت أنظمة الذكاء الاصطناعي في الدخول إلى المجال القانوني من خلال تقديم دعم فعّال للمحامين والقضاة. تستخدم هذه الأنظمة في تحليل الوثائق القانونية، وتقديم التوصيات، وحتى في بعض الأحيان في إصدار أحكام ابتدائية في القضايا.
دور الذكاء الاصطناعي كـ «محامي»
يلعب الذكاء الاصطناعي دوراً كبيراً كـ «محامي» من خلال عدة مجالات، أبرزها البحث القانوني حيث تقوم الأنظمة المتقدمة بمسح آلاف الوثائق القانونية بسرعة فائقة لتحديد السوابق القانونية ذات الصلة بقضية معينة، مما يوفر على المحامين الوقت والجهد وتوفير خدمات قانونية منخفضة التكلفة أو حتى مجانية للأفراد الذين لا يستطيعون تحمل التكاليف. كما يساعد الذكاء الاصطناعي في إعداد الوثائق القانونية، مثل العقود والالتماسات، بشكل دقيق وسريع، مع قدرته على مراجعة النصوص واكتشاف الأخطاء المحتملة، مما يقلل من مخاطر الأخطاء البشرية. بالإضافة إلى ذلك، يمكن للذكاء الاصطناعي تقديم توصيات قانونية مبنية على تحليل شامل للبيانات الضخمة والقضايا المشابهة والتشريعات ذات الصلة. بالاضافة الى التواصل مع العملاء حيث يمكن للذكاء الاصطناعي الردّ على استفسارات العملاء، وتقديم معلومات أولية حول القضايا.
كذالك فان دور الذكاء الاصطناعي كمحامٍ يمكن أن يتجاوز هذه المهام حيث يمكن للبرامج الذكية أن تحلل حقائق القضية وتقترح استراتيجيات محتملة للدفاع أو الادعاء وصياغة المذكرات القانونية وإعداد العروض التقديمية للمحاكم.
دور الذكاء الاصطناعي كـ «قاضي»
يلعب الذكاء الاصطناعي دوراً متزايداً كـ «قاضي» في بعض الأنظمة القضائية، حيث يُستخدم في إصدار الأحكام في القضايا ، معتمداً على قواعد ومعايير محددة لتحديد العقوبات المناسبة بناءً على بيانات محددة. كما يساهم الذكاء الاصطناعي في تحليل الأدلة، خاصة في القضايا المعقدة التي تتطلب فحص كميات كبيرة من البيانات، مثل تحليل أدلة الطب الشرعي أو مراجعة الاتصالات الإلكترونيةو السوابق القضائية و تحليل ومعالجة القضايا بسرعة وكفاءة كبيرة جدا، وتحديد النقاط القانونية ذات الصلة، وحتى استشعار سلوكيات الشهود وكشف التناقضات في أقوالهم، مما يساعد القضاة في اتخاذ قرارات أكثر دقة وفعاليةمما يقلل من تراكم القضايا وتأخير العدالة. ولا ننسى ان الذكاء الاصطناعي يمكن أن يكون محايدًا تمامًا وغير متحيز اذا درب بشكل دقيق على بيانات عالية الجودة، على عكس القضاة البشر الذين قد تتأثر قراراتهم بالتحيزات الشخصية أو الخلفيات الثقافية، حيث ستكون الآلة الذكية قادرة على النظر في القضايا بطريقة موضوعية ومنطقية بحتة، مستندة فقط إلى الحقائق والقوانين ذات الصلة.
التحديات
تواجه استخدام الذكاء الاصطناعي في النظام القضائي تحديات عديدة تتعلق بالأخلاق والعدالة والحياد وحقوق الانسان وطريقة عرض الشرح والتفسيرات للقضايا، حيث تثير تساؤلات حول قدرة الآلة على أن تكون عادلة تماماً وكيفية ضمان عدم تحيز الأنظمة المعتمدة عليه. كما يتطلب استخدام الذكاء الاصطناعي جمع كميات ضخمة من البيانات، مما يثير قضايا تتعلق بالخصوصية وأمان المعلومات، بما في ذلك حماية البيانات الحساسة من الوصول غير المصرح به. كذالك فإن القرارات القانونية تتطلب فهماً عميقاً للعوامل الإنسانية والثقافية، مما يطرح السؤال حول مدى قدرة الآلة على استيعاب هذه العوامل واتخاذ قرارات تتماشى معها.هناك ايضا تساؤلات ايضا حول مدى قدرة الذكاء الاصطناعي على التعامل مع التعقيدات والظروف الاستثنائية ومع الحالات غير المألوفةفي القضايا القانونيةمثل البشر.ولا ننسى فان المحامون لا يمارسون مهنة قانونية فحسب، بل يلعبون أيضًا دورًا مهمًا في فهم مشاعر موكليهم، وتقديم الدعم النفسي لهم، وفهم دوافعهم وأهدافهم مما يشكل تحدي اخر للذكاء الاصطناعي.كذالك هناك مخاوف من فقدان فرص العمل للمحامين والقضاة البشر.
الخلاصة
إن استخدام الذكاء الاصطناعي في النظام القانوني ليس مجرد خيال علمي، بل هو واقع يتسارع. ومن خلال الاستفادة من هذه التكنولوجيا بحكمة، يمكننا تحقيق قفزة نوعية في تقديم العدالة وتحقيق الإنصافلتعزيز كفاءة وفعالية أنظمة العدالة.الذكاء الاصطناعي يحمل في طياته إمكانات هائلة لتحسين النظام القانوني، لكنه يأتي أيضًا مع تحديات كبيرة. من الضروري أن يتم استخدام هذه التكنولوجيا بحذر، مع وضع معايير أخلاقية واضحة وضمان حماية الخصوصية. في المستقبل، قد نشهد تزايد استخدام الذكاء الاصطناعي في المجالات القانونية، مما قد يعيد تشكيل الطريقة التي نفهم بها القانون والعدالة. سيبقى الدور البشري حاسمًا لضمان أن تكون العدالة إنسانية وشاملة. واختم واذكر بقول الله تعالى : «إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا «.
والله ولي التوفيق

ــ الدستور

مواضيع قد تهمك