الدكتور محمد حسن الطراونة : قلعة الكرك.. جرحٌ يُزهر فخراً، وبيعةٌ تتجدد خلف القيادة
بقلم: الدكتور محمد حسن الطراونة
عضو مجلس نقابة الأطباء الاردنية
من بين ثنايا التاريخ ومن فوق أسوار "الكرك" الأبية، يطل علينا الثامن عشر من كانون الأول محملاً بعبق الشهادة، مثقلاً بالحنين، لكنه شامخ بكرامة وطن لا ينكسر. تسع سنوات مرت على تلك الوقفة العزّية، حين تعانقت أرواح "نشامى" الأجهزة الأمنية مع حجارة القلعة الصماء، فحولتها بدمائهم الطاهرة إلى منارة عزٍّ تروي للأجيال كيف يكون الذود عن الحمى.
وفي قلب هذه الذكرى، يسطع اسمٌ سيظل محفوراً في وجدان كل أردني؛ الشهيد البطل العقيد سائد المعايطة "أسد القلعة". ذلك القائد الذي لم يقرأ الشجاعة من الكتب، بل سطرها بدمه وهو يتقدم الصفوف، مقبلاً غير مدبر، ليكون سداً منيعاً في وجه خفافيش الظلام. إن تضحية سائد ورفاقه من أبناء الأجهزة الأمنية لم تكن مجرد أداءٍ للواجب، بل كانت رسالة للعالم أجمع بأن تراب الأردن طهورٌ لا يقبل الدنس، وأن دماء أبنائه هي السياج الحقيقي لهذا الوطن.
إننا اليوم، ونحن نستذكر تلك الأحداث، لا نقف لنبكي الراحلين، بل لننحني إجلالاً لبطولاتهم. إن حماة ديارنا في الأمن العام وقوات الدرك والمخابرات العامة والقوات المسلحة، هم مدرسة الانتماء التي علمتنا أن الأمن والأمان استحقاق يُكتب بالدماء ويُصان بالسهر.
وفي ظل هذا الإقليم الذي يموج بالاضطرابات، يبرز الأردن كواحة استقرار يقود دفّتها بحكمة واقتدار عميد آل البيت، جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين -حفظه الله-. لقد أثبتت القيادة الهاشمية ببعد نظرها أنها المظلة التي نستظل بها في الملمات، والربان الذي يقود سفينة الوطن نحو بر الأمان رغم كل الأمواج العاتية. إن استقرارنا اليوم لم يكن وليد الصدفة، بل هو ثمرة رؤية قيادية حكيمة، ويقظة أمنية منقطعة النظير، ووعي شعبي يدرك حجم التحديات.
لذا، ومن قلب محافظة الكرك، أوجه دعوة صادقة إلى كل أبناء وطني الحبيب: إن قوتنا في وحدتنا، ومنعتنا في التفافنا حول راية القيادة الهاشمية ودعمنا اللامحدود لأجهزتنا الأمنية. لنكن جميعاً جنوداً لهذا الوطن، نحمي مكتسباته ونفشل كل محاولة للنيل من نسيجه الوطني.
رحم الله "أسد القلعة" سائد المعايطة، ورحم الله شهداءنا الأبرار، وحفظ الله الأردن، بقيادته وشعبه وجيشه، عصياً على الانكسار، عزيزاً، ومهاب الجانب.