م. هاشم نايل المجالي : حب الذات
حب الذات في الإسلام هو تقدير النفس وإكرامها كنعمة من نعم الله عز وجل، مع
موازنة دقيقة بين الاعتناء بالجسد والروح دون إفراط أو تفريط، وبين
الإيثار وحب الخير للآخرين، وهو مبني على قيمة الإنسان عند الله وضرورة
سعيه للفلاح، ويختلف كل ذلك عن الأنانية التي تذمها الشريعة.
إن تقدير
نعمة الله هو أن أنت مخلوق مكرم، وقيمتك تنبع من أن الله أحبك، وحب نفسك
جزء من شكر الله على نعمه، وحب الذات هي غريزة نفسية، ورغبة الإنسان في
تحسين وجوده وكيانه، وهي تعتبر أحد أساليب التقدير للنفس وانعكاسًا
للشخصية، أو تعبيرًا لما يشعر به الإنسان في داخله من خلال المشاعر التي
تظهر مدى تقدير واحترام النفس، حيث يمكن للإنسان التعامل مع هذه الغريزة
بعدة وسائل وطرق إيجابية للاستفادة منها واستخدامها كسلاح قوي يواجه به
مصاعب الحياة وتقلبات الأيام.
فلا بد لكل إنسان أن يعرف ذاته جيدًا،
ويركز على مواطن القوة الداخلية فيها كي يتم استثمارها بشكل مناسب، حيث
يركز على الأهداف والنجاحات والإنجازات التي يحققها الإنسان في حياته، سواء
على مستوى الدراسة أو العمل أو الرياضة بأنواعها، دون أي غرور، حتى تكون
دافعًا له لتحقيق مزيد من النجاحات وتنمية حب الذات الإيجابي.
ولا يوجد
إنسان على وجه الأرض لا توجد به عيوب ونقاط ضعف، حيث لا بد من معرفة نقاط
الضعف حتى يكون الإنسان صريحًا مع ذاته، لأن معرفة المشكلة هي بداية الحل،
ثم يتم وضعها في قائمة الأولويات للعمل عليها وتحويلها إلى نقاط قوة،
بمشيئة الله، قدر المستطاع، حتى لو كان ذلك بالتدريج حسب الخطة التي يضعها
لذلك، بدلًا من إهمالها وتركها تؤثر في النفس وتكون عائقًا له في مستقبله
وطموحاته المستقبلية.
وحب الذات لا يعني بأي شكل من الأشكال التعالي
والتباهي والتمادي في الغرور، وحتى لا يرى الإنسان غيره من الناس بنظرة
دنيوية، بل لا بد من التواضع ومشاركة الناس أفراحهم وأحزانهم، ومساعدتهم
قدر المستطاع، وهي قمة الإحساس في تقدير النفس والذات. قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم: ( ما نقصت صدقة من مال، وما زاد الله عبدًا بعفو إلا عزًا،
وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله ) أبو هريرة.
ومن المهم أن يكون لدى
الإنسان الثقة بقدراته حتى ساعة الفشل، وأنه قادر على التغير وتخطي مرحلة
الفشل، وعدم جلد الذات، فالجهد المبذول هو المكسب الحقيقي للمواصلة لطريق
القمة، لأن حب الذات يستلزم ترك القلق والتفكير في التغير والتحسين للأفضل
بطرق إيجابية. ــ الدستور