الأخبار

د. سند ابو راس : نظرية المرأة المتطورة

د. سند ابو راس : نظرية المرأة المتطورة
أخبارنا :  

كنت قد كتبتُ مقالا سابقًا بعنوان «ما هي إلا حرب على الرجال» تحدّثتُ فيه عن الحرب الممنهجة التي شنّتها دول الغرب على الرجال بعد الحرب العالمية الثانية. وذكرتُ أن الهدف من تلك السياسات كان تقليل مستويات العنف والتطرف، باعتبارهما العاملين الأبرز المؤديين إلى اندلاع الحروب عبر التاريخ. وتتلخّص هذه السياسات، وفق ذلك الطرح، في نشر ثقافات اجتماعية جديدة تعمل على تخفيف حدّة الذكورية، بحيث يصبح الرجل أقل تمسّكًا بمبادئ القوة والضبط والهيبة.
غير أنّ هنالك وجهة نظر أخرى تستحق التوقف عندها، إذ يرى بعض المفكرين الغربيين أن عقل المرأة أكثر تطورًا من عقل الرجل، وأن عقل الرجل لا يزال يحمل طابعًا غريزيًا بدائيًا لا ينسجم مع الحضارة الحديثة. وبناءً على هذا التصور، يصبح من الضروري – في نظرهم – اتخاذ إجراءات اجتماعية ممنهجة تهدف إلى تحرير المرأة ومنحها مساحة أكبر من النفوذ، لتمكينها من «سحب الرجل المتخلف» من كهوف الظلام إلى مدن التطور، كما يعبّرون.
وربما تبدو مثل هذه الأفكار جذابة لبعض الفئات، إلا أنها في الحقيقة لا تقلّ تخلفًا عن الفكرة القائلة بأن الرجال أكثر ذكاءً من النساء. فلو خرج شخص على وسائل التواصل الاجتماعي أو شاشات التلفاز وقال إن «الرجال أذكى من النساء»، لانهالت عليه الانتقادات لما في كلامه من تعميم أعمى يفتقد لأبسط مقومات المنطق. وإذا قارنا بين من يدّعي تفوق الرجال الذهني، وبين من يقول إن النساء أكثر تطورًا من الرجال، لوجدنا أن الفكرتين تنطلقان من الجهل ذاته، ولكن في اتجاهين متعاكسين.
إن الرجل والمرأة وُجدا في المجتمع ليكمّل أحدهما الآخر، إذ لا قيمة لأحدهما دون الآخر. فالحضارة تحتاج إلى كلا الجانبين كي تقوم حياة متوازنة وكريمة. ويتناول كتاب «مريخيون متحدون: سفر إلى المستقبل» ما يسمّى بـ قانون المضادّ المُعوِّض، الذي يفترض أن صفات الرجال والنساء لم تظهر اعتباطًا، بل وُجدت لتكون متضادة على نحو يخلق توازنًا يعوّض النقص الذي قد ينتج عن إفراط صفات معينة في أحد الجنسين.
فعلى سبيل المثال، يُعرَف الرجال بالقوة الجسدية، ولو كانت النساء يمتلكن القدر نفسه من القوة لزادت النزاعات نتيجة محاولة كل طرف فرض سيطرته. ولهذا، وبحسب قانون المضادّ المُعوِّض، فإن ضعف النساء الجسدي نسبيًا يحقق نوعًا من التوازن في العلاقة بين الجنسين. كما أن وجود صفة كالضعف الجسدي يدفع النساء إلى امتلاك عاطفة جياشة، ولو امتلك الرجال مقدار العاطفة ذاته لظهر مجتمع هش تغلب عليه الانفعالات. ولكن وفق قانون المضادّ المُعوِّض، نرى الرجال أقل عاطفة وأكثر صلابة، وهذه الصلابة ليست إلا مضادًا للعاطفة الزائدة لدى النساء وبمقدار يحقق التعويض والتوازن بين الطرفين.
وعليه، فإن الرجال والنساء متساوون من حيث أن كليهما بلا فائدة بدون الآخر، وكلاهما قادر على صنع المعجزات بشرط أن يتشاركا الطريق بدل التنافس على التفوق. ــ الدستور

مواضيع قد تهمك