كمال زكارنة يكتب : تقارب امريكي اخواني!
كمال زكارنة.
تلوح في الافق معطيات ومؤشرات ،بأن الولايات المتحدة على وشك الانتهاء من طباعة النسحة الجديدة من الاخوان المسلمين ،التي عملت على تفصيلها ورسم معالمها ،لتكون مناسبة لمقاساتها وقياساتها السياسية،تمهيدا للتحالف معها ،وبناء علاقات متينة مع الانظمة الرسمية التي تعتبر اخوانية في هواها ودعمها للحركات والجماعات الاخوانية ،ومع تلك الحركات والجماعات ايضا.
النسخة الاخوانية الجديدة مختلفة تماما عن النسخة الاصلية ،وحتى لا نستبق الامور ،سنترك مساحة للاحداث والمجريات تستكشف المستقبل،ومصير العلاقة الامريكية الاخوانية القادمة.
ترمي الادارة الامريكية بثقل جديد ،في المنطقة وهذه المرة في فلسطين وحولها،فبعد اقامة مركز المراقبة بقوام مائتي فرد امريكي في الجانب الاسرائيلي من الحدود مع غزة،ظهرت نوايا وتوجهات امريكية لانشاء قاعدة عسكرية ضخمة في الجانب الاسرائيلي من غلاق غزة،بكلفة تتجاوز النصف مليار دولار.
هذه القاعدة لها اهداف عسكرية وامنية واستثمارية،الاهداف العسكرية تتمثل في تعزيز الوجود العسكري الامريكي في المنطقة ،واضافة نوعية في الدعم العسكري والحماية لاسرائيل والدفاع عنها ،اما الهدف الامني فهو طمأنة المستعمرات والمستوطنات الاسرائيلية في غلاف غزة ،وبث روح الامل والاستقرار لدى المستعمرين والمستوطنين هناك ،لممارسة حياتهم بشكل طبيعي ،وتبديد حجج اسرائيل الامنية التي تعتبر الشماعة الرئيسية للعدوان الاسرائيلي على الشعب الفلسطيني في القطاع،فيما تكمن الاهداف الاستثمارية الامريكية في نفط وغاز قطاع غزة ،الذي يفتح شهية ترمب من اجل استغلاله والاستثمار فيه ،الى جانب دس الاصابع الامريكية في اعادة اعمار قطاع غزة ،المقدرة تكلفتها بحوالي تسعين مليار دولار ،وهذه مبالغ ضخمة لا يمكن ان تكون الادارة الامريكية بعيدة عنها ،وامريكا تمر في ازمة اقتصادية شديدة جدا.
الاندفاع الامريكي نحو التقارب مع تركيا وقطر والنظام السوري الجديد،وكلها دول اخوانية الهوى،يشير الى ان النسخة الاخوانية الجديدة تخطو بسرعة لحجز مقعدها تحت المظلة الامريكية،للتساوق والتوافق مع السياسة الامريكية ،وفي نفس الوقت ،احداث تغيرات مهمة في السياسة الامريكية في المنطقة وخاصة تجاه اسرائيل،وقد تنجح تركيا وقطر ودول عربية اخرى، في خلق استدارة امريكية جوهرية في هذا الاتجاه،تبدو ملامحها واضحة في الداخل الامريكي ،مما يمكن ادارة ترمب الاستناد اليها في صياغة سياسة امريكية جديدة او محسنة على الاقل في الشرق الاوسط.
ان تفتح ابواب البيت الابيض على مصراعيها لاهم رموز الاخوان "الثوريين" ، تحمل احدى دلالتين ،اما ان تكون الفجوة بين الولايات المتحدة والكيان اتسعت والمسافة بينهما تزداد بعدا،او ان تكون تلك الرموز دخلت دهاليز البيت الابيض حبوا ،بعد ان نفضت كل المباديء والمعتقدات والثوابت الخاصة بها، وتحررت منها تماما.
الطريق الذي يجري تعبيده بعناية ،بين الجيل الجديد من الاخوان والولايات المتحدة، يمهد لوصول الفين جندي تركي الى قطاع غزة ،رغم معارضة نتنياهو الشديدة لأي تواجد عسكري تركي في قطاع غزة.
اي نجاح في التأثير على السياسة الامريكية التاريخية التقليدية في الشرق الاوسط،المنحازة بالمطلق للاحتلال الاسرائيلي، واحداث التغيير الايجابي النسبي فيها ،فهو تأثير مقدر وجهد كبير ،خاصة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية والكيان ،وفي حال النجاح في اقناع الادارة الامريكية، بضرورة طي الغطاء الامريكي عن الاحتلال ،فان هذا يعتبر تقدما كبيرا على طريق انهاء وزوال الاحتلال الاسرائيلي من الاراضي الفلسطينية ،واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.