نادية الروابدة: عملت في الضمان 31 عاما وتدرجت في جميع المواقع

عمان - نيفين عبد الهادي
قالت الوزيرة السابقة الدكتورة نادية الروابدة إنها أمضت معظم سنواتها العملية في المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي متدرجة في مواقع العمل حتى الوصول إلى موقع المدير العام، قبل أن تتولى وزارة العمل.
وذكرت الروابدة، في حديث لـ»بودكاست بصوتها» عبر «بودكاست الدستور»، أنها عملت على «الكاونتر» وفي «خدمة الجمهور» في مؤسسة الضمان الاجتماعي سنوات طويلة حتى أثناء توليها موقع رئيس قسم ومساعد مدير عام.
وتحدثت الروابدة عن جوانب من أثر والدها رئيس الوزراء الأسبق عبد الرؤوف الروابدة، على المستوى الشخصي والعائلي والسياسي، متطرقة إلى أهم ما تركه الروابدة الوالد والسياسي من بصمات خلال توليه مواقع المسؤولية المختلفة.
يذكر أن الدكتورة الروابدة وزيرة عمل سابقة، ومديرة عامة سابقة للمؤسسة العامة للضمان الاجتماعي، وتشغل حاليا موقع رئيسة مجلس إدارة الشركة الوطنية للتنمية السياحية.
وتاليا أبرز ما جاء في الحوار..
** لك مسيرة طويلة في المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي.. كيف كانت البدايات؟
الروابدة: تعينت في الضمان الاجتماعي في 1987، واستمريت حيث أصبحت مديراً عاماً للضمان الاجتماعي. بدأت في قسم بالضمان الاجتماعي اسمه قسم إصابات العمل، بعد ذلك داومت على (الكاونتر) لمدة حوالي 12 سنة، وأصبحت رئيسة قسم وأنا على الكاونتر، وأصبحت مساعد مدير دائرة وأنا على الكاونتر.
** في هذه الفترة هل كان دولة الدكتور عبدالرؤوف الروابدة في مناصب عليا؟
الروابدة: نعم، فعندما أصبح والدي رئيساً للوزراء كنت أنا على الكاونتر، كاونتر دائرة التقاعد «خدمة الجمهور»، وكانت أمتع لحظات حياتي هي خدمتي على الكاونتر، وربما عملت هذه التجربة على تنمية الخبرة لدي، وعززتها، إلى حين أن أصبحت مديراً عاماً للمؤسسة العامة للضمان الاجتماعي، وتقاعدت عام 2018، ليكرمني رب العالمين بعد ذلك، ويكرمني سيد البلاد بأن أتولى وزارة العمل في العام 2023 ولغاية عام 2024.
** هل كانت مسيرة سهلة؟
الروابدة: لا، أنا داومت في الضمان الاجتماعي والكل يعلم ذلك، وزملائي في الضمان الاجتماعي يعلمون أنني عندما أصبحت مدير عام الضمان الاجتماعي كان لدي خبرة 30 سنة. بدأت موظفة واستمريت 30 سنة بالتدرج في الوظائف إلى حين أن تسلمت منصب مدير عام الضمان الاجتماعي، حيث عملت موظفة ثم رئيس قسم ثم مساعد مدير دائرة بعد ذلك مدير إدارة التقاعد وبعدها مدير فرع اليوبيل، بعد ذلك دخلت في التنافس وأصبحت مساعد المدير العام للتأمينات حتى أصبحت في عام 2012 مديراً عاماً للمؤسسة، فكانت خبرة طويلة جداً أفتخر بها رغم أن بها تعبا، لكن كانت ممتعة.
** نريد الدخول إلى بيت دولة الدكتور عبدالرؤوف الروابدة، نريد أن تحدثينا عن دولة عبد الرؤوف الروابدة، الأب، الإنسان، كيف يتعامل مع أحفاده؟
الروابدة: الوالد هو أب بكل ما تحمله الكلمة من معنى، لا يمكن أن نحذف هذه الصفة منه، فهو أب لعشر بنات ولعصام، شقيقي الوحيد.
جميعنا نذهب إليه، ونعتقد أنه لا يعلم عنا شيئا، لكن نكتشف أنه يتابع كل شؤوننا، ويتابعنا جميعاً، هذه وحدها تعطينا الأمان بأن هناك سندا يتابع أمورنا ويتركنا لنعيش حياتنا ونتخذ قراراتنا لكن لديه نظرة أخرى ينظر فيها إلينا.
نحن العشرة وعصام جميعنا أكملنا دراساتنا، وهو متابع لنا في الدراسات، صحيح أنه في عمله السياسي لا يكون لديه وقت لتدريسنا، لكنه متابع لشؤوننا، ثانياً هو متابع إلى أين وصلنا في المرحلة وكيف سنكمل، فحتى عندما نجحنا جميعاً في الثانوية العامة كان يسألنا ماذا نحب أن ندرس، مع أنه لم يفرض في يوم من الأيام على أي واحد فينا ما التخصص الذي سندرسه.
** دولته ابتعد عن الثقافة الموجودة لدينا وهي توريث الشهادة أو العلم، فدولة عبدالرؤوف الروابدة بالأساس صيدلاني.
الروابدة: لا يوجد أي واحد من أبنائه صيدلاني، وهذا يثبت أنه لم يكن له أي تأثير علينا. بالعكس، أعطى كل واحد فينا الخيار ما الذي يريد دراسته.
** هل شجعكم أن تدخلوا في الشأن العام والعمل العام؟
الروابدة: لم يتدخل نهائياً، لا بطريقة مباشرة ولا بطريقة غير مباشرة، تركنا حتى بعد تخرجنا أن نختار مسيرة عملنا، فلم يحدد لأي منا مسيرة العمل الذي سيسير فيه، بالعكس ترك لنا الخيار أين ندخل، بالشأن العام أو أي طريق آخر، وكان بالنسبة له أن القرار يجب أن ينبع من قناعة شخصية. كان الوالد يركز على أن يعلمنا ويدربنا بحيث يساعدنا على اتخاذ القرارات بأنفسنا، وأنا بقيت سنة ونصف السنة وأنا أتقدم بطلبات حتى تم تعييني بعد سنة ونصف، ولم يتدخل نهائياً ولا في يوم من الأيام بأن يتصل ويسأل عن وضع أي واحد فينا.
** هل لديكم يوم عائلي تلتقوا به؟
الروابدة: نعم، يوم الخميس هو يوم عائلي نجتمع به جميعنا مع بعضنا البعض، ويكون به أبناؤنا، فهذا اليوم نجتمع فيه، وبالرغم من مشاغل والدي الكثيرة لكنه حريص جداً أن يكون يوم الخميس متواجدا معنا، لأننا نجتمع بوجوده وبوجود الوالدة ونكون جميعاً مع بعضنا البعض، وهو يوم حافل بالأحاديث ويتحدث كل شخص ما الذي حل معه، فتتحول هذه الجلسة إلى جلسة تعليمية، فندخل فيها بالتاريخ وبالسياسة، فنكون في هذه الجلسة كالطلاب نستمع عن التاريخ وعن الأردن وعن السياسة، فيكون درسا وجميعنا نكون متشوقين لسماعه، والوالد لا تخلو جلساته من الدعابة. صحيح أنه صلب وقاسٍ والكل يتحدث عن أنه قوي وآراؤه في بعض الأمور تكون حادة، لكنها لا تخلو من الدعابة التي تأتي في الظروف المهيأة لها.
السياسة ليست بعيدة عن منزلنا، تبقى داخل البيت مع رجل سياسي، لكنها ليست محور الحديث وليست محور الحياة داخل المنزل، لكن هناك مواقف يمكن أن يشرحها لنا حتى يزيد من وعينا وحتى يخبرنا إلى أين تسير الأمور، فهذا يثقفنا ويعلمنا. لا نتدخل في قراراته، لكن دائماً يضعنا في مرحلة أنه يجب أن يكون لدينا وعي كامل بالوطن وبأمور الوطن.
** هل كان لديكم فضول بالسؤال عن قضايا معينة، عن عمله أو عن وضع البلد وتريدون معرفة تفاصيل من باب الفضول؟
الروابدة: تعلمون الفضول الموجود لدى الجميع، خصوصاً عندما تكون أمام رجل سياسي والكل يعلم كم هم مثقف وشغوف في القراءة ومتابع لأوضاع الوطن، فدائماً في جلستنا معه يوم الخميس أو عندما نزوره في الأيام العادية، فأنا أدخل عليه في مكتبه ويكون جالسا يعمل، لا بد أن أستفسر أو أن أسمع وجهة نظره في موضوع معين أو موقف معين، فالوالد يشرح لأنه يهمه أن يكون لدينا الوعي الكامل بما يحصل. ودائماً يخبرنا أنه يمكن أن يتوقع أن يحصل هذا الأمر أو لا يحصل، فهو يضعنا في الصورة حتى يزيد من الوعي لدينا، ونعلم ما الذي يحدث في الوطن خصوصاً الأحداث التي تحدث داخل الوطن.
** إلى أي حد القضية الفلسطينية حاضرة في نقاشاتكم ومحادثاتكم؟
الروابدة: نطرح القضية الفلسطينية كثيراً في نقاشاتنا.. نحن كأردنيين وحبنا لأردنيتنا ووطنيتنا لا يبعدنا عن القضية الفلسطينية، فهي قضيتنا كأردنيين، حتى عندما نتحدث عن عبدالرؤوف الروابدة فحبه للأردن لا يوازيه أي حب، لكن فلسطين هي قضيته مثل الأردن بالنسبة له، أيضاً هو يعيش في القضية الفلسطينية، عاشها كاملاً، وتابعها، وهو مسؤول، وكانت هناك قرارات ستتخذ فيما يتعلق بهذا الموضوع، موضوع القضية الفلسطينية.
دائماً يتحدث كم نحن مقصرون في حق الأردن خصوصاً في إبراز دوره في القضية الفلسطينية.
** ما أكثر نصيحة يرددها دولته لكم دائماً وللأحفاد؟
الروابدة: نصائحه كثيرة، كل موقف نسمع منه نصيحة، كل موقف تتحدث به معه تسمع نصيحة منه، هناك بعض النصائح تتكرر، دائماً تبقى لديه جملة لا يتركها، الآية الكريمة «من يتق الله يجعل له مخرجا»، دائماً يقولها أمامنا.
دائماً عندما يتحدث عن العمل، يقول لنا ناصحاً «أحب ما تعمل حتى تعمل ما تحب»، فأي شخص يريد أن يشتكي من أمر يقول له أحبب ما تعمل حتى تعمل ما تحب، فهذه كانت من نصائحه.. وكان يقول لي دائماً نصيحة كبيرة وهي «احترم نفسك حتى يحترمك الآخرون»، فهذه من أكثر النصائح.
** برأيك ما أكثر قطاع نقله إلى مكان أكثر إيجابية وأكثر حضورا؟
الروابدة: لا أستطيع تحديد موقع معين، لكن لديه قناعة كاملة دائماً يقولها وهي أن تتحدى نفسك، فأستطيع أن أنجح، ثانياً أن تصنع الفرق، وأنا باعتقادي ومتأكدة تماماً بأنه استطاع أن يصنع الفرق في أمانة عمان الكبرى وحتى أنه استطاع أن يصنع الفرق في وزارة الأشغال العامة، وعندما نظر إلى المخططات التي تم عملها في وزارة الأشغال أثناء توليه الوزارة، نجد أنه صنع الفرق، وكذلك في وزارة التربية والتعليم، والكل يذكر ما الذي قام عبدالرؤوف الروابدة بعمله في وزارة التربية والتعليم للمعلم، حتى من كتاباته معالي وزير التربية الذي استلم بعد الوالد أو ما بعده، طبعها في كتاب ووزعها على المدارس، فقد صنع الفرق في المناصب التي استلمها، مع أن شهادته صيدلة.
لدينا قناعة كاملة بأن القائد يختلف عن الإداري، ليس شرطا أن يكون القائد متخصصا فنياً في موضوع معين، فهناك فرق بين قائد وشخص إداري، الإداري يكون فنيا ومتفهما لمهام عمله، لكن القائد يجب أن يكون لديه صفات أخرى كثيرة وكاريزما مختلفة تماماً، كيف يستخرج الإبداعات عند الموظفين المسؤول عنهم، كيف يستطيع إخراج الخطط الجديدة.
في قناعتي أنه كان قائداً في مواقع عمله، فوالدي من بداية دراسته، وعندما درس في الجامعة كان الأول في الجامعة، ولليوم اسمه على لوحة الشرف، ولغاية الآن لم يحصل أحد على معدله من تاريخ تخرجه، فأعتقد أن شخصا مثل الوالد صنع الفرق.
** كم نحن بحاجة إلى شخص مثل الدكتور عبدالرؤوف الروابدة لتحقيق هذه العلامات الفارقة في قطاعات مختلفة؟
الروابدة: صحيح أنه شخصية مختلفة وفريدة لكن لدينا القناعة التامة بأن هناك شخصيات موجودة.. دورنا كأردنيين، حتى في الإدارة والحكومة، هذا الدور يجب أن يعطى لهذه الشخصيات بأن تستمر وتستمر في العمل وتشتغل حتى تنمي عندنا روح العمل والانتماء للوطن ومحبة الوطن، فإذا أحب الشخص الوطن وانتمى له فتأكدوا أنه سينجح في عمله. ــ الدستور