اسماعيل الشريف : عقيدة هيرودس

«فَحِينَئِذٍ لَمَّا رَأَى هِيرُودُسُ أَنَّ الْمَجُوسَ سَخِرُوا بِهِ
غَضِبَ جِدًّا، فَأَرْسَلَ وَقَتَلَ جَمِيعَ الصِّبْيَانِ الَّذِينَ فِي
بَيْتِ لَحْمَ وَفِي كُلِّ تُخُومِهَا، مِنِ ابْنِ سَنَتَيْنِ فَمَا دُونُ،
حَسَبَ الزَّمَنِ الَّذِي تَحَقَّقَهُ مِنَ الْمَجُوسِ- إنجيل متى 16:12
بعد
ولادة السيد المسيح عليه السلام، زار وفدٌ من المجوس القادمين من الشرق
هيرودس الكبير، ملك يهوذا في ظل الحكم الروماني. وقد اشتهر هيرودس بقسوته
وجبروته، إذ وُلد حوالي 73 قبل الميلاد وتوفي نحو 4 قبل الميلاد. جاء
المجوس يسألونه عن «الملك المولود» في إشارة إلى السيد المسيح عليه السلام،
فخشي هيرودس من ظهور ملك قد ينافسه على الحكم. لذلك، أمر بقتل جميع
الأطفال الذكور في بيت لحم ومحيطها، في محاولة للقضاء على السيد المسيح.
وبعد
هذه الحادثة بسنوات قليلة، مات هيرودس، لكن الصهاينة لا يزالون يتمسكون
بعقيدته، التي تطورت لتصبح جرائم فظيعة ترتكب تحت أسماء «لطيفة» منها:
قتل الأفاعي وجزّ العشب: استهداف الأطفال بحجة أنهم سيكبرون وينضمون إلى المقاومة، مما يجعلهم يشكلون تهديدًا للكيان.
تطهير الأرحام: قتل النساء قبل أن يلدن، لمنع نشوء أجيال جديدة من المقاومين.
كيّ الوعي: استهداف البنية التحتية والاقتصادية، وفرض عقوبات جماعية
قاسية، بهدف إجبار السكان على الرحيل أو الضغط على المقاومة.
عقيدة
الضاحية: استخدام قوة مفرطة والتدمير الشامل للبنية التحتية لإلحاق أضرار
جسيمة بالسكان الذين يعتبرونهم الحاضنة الشعبية للمقاومة.
المسافة صفر: تصفية المقاوم تحت أي ظرف، حتى لو استسلم أو كان مصابًا.
في
الآونة الأخيرة، نُشرت على الإنترنت وثيقة مسربة يُزعم أنها صادرة عن قسم
«الكابالا» في الموساد، وهو قسم يُقال إنه متخصص في تفسير النبوءات
التوراتية وكل ما هو خارق للطبيعة. ومع ذلك، هناك من يشكك في وجود هذا
القسم من الأساس.
وتذكر هذه الوثيقة أن النبوءات التوراتية تشير إلى أن
مسيحهم سيكون فلسطينيًا، وغالبًا مسلمًا، وسيولد بالقرب من مدينة رفح. كما
تزعم الوثيقة أنه قد يكون قد وُلِد بالفعل أو على وشك أن يولد، حيث تشير
التقديرات الواردة فيها إلى أن ولادته ستكون في يناير من عام 2022.
وبعيدًا
عن نظريات المؤامرة، وبصرف النظر عن مدى صحة الوثيقة أو وجود قسم
«الكابالا» في الموساد، فإن الحقيقة الثابتة هي أن نسل سيدنا داوود، الذي
من المفترض أن يخرج من صلبه المسيح الذي ينتظره اليهود وفقًا لروايتهم، لن
يكون صهيونيًا، بل سيكون عربيًا مسلمًا أو مسيحيًا، لأنهم السكان الأصليون
للبلاد. أما اليهود البيض الذين جاؤوا من شتات العالم، فلا صلة لهم بـبني
إسرائيل التاريخيين.
والأمر الطريف عندما يظهر الفلسطيني مسيح اليهود
المنتظر، سيحارب الصهاينة، وسينهي ظلمهم، ليعم السلام في العالم، وهذا ما
تتفق عليه العقيدتان الإسلامية والمسيحية. وكما هو معلوم، فإن أحد الأسباب
التي تقف خلف دعم الفاشية المسيحية في الولايات المتحدة هو إيمانها بنبوءات
توراتية ترى أن انتشار الفساد في الأرض وبناء الهيكل على أنقاض المسجد
الأقصى شرطٌ لنزول السيد المسيح الذي سينهي حكم اليهود.
وبغض النظر عن
صحة هذه الوثيقة، فإن الأمر المؤكد هو أن الصهاينة يطبقون عقيدة هيرودس
بحذافيرها. لكن، وكما فشل هيرودس في قتل السيد المسيح، سيفشل الصهاينة في
منع خروج المقاتلين الذين سيجتثون الاحتلال من جذوره.