الأخبار

د. طلال طلب الشرفات : غدرُ النُّخبة وعجزُ السُّلطة

د. طلال طلب الشرفات : غدرُ النُّخبة وعجزُ السُّلطة
أخبارنا :  

الموالاة للدولة واجب وطني، وتأييد الحكومة أو ولوج المعارضة خيار سياسي، وما بين هذا وذاك استحقاقات وطنيّة، ولون يُصارع البقاء في رحلته صوب البُهات، ولعل الهويَّات الفرعيّة المقيتة التي امتطتها النُّخبة السِّياسية والنَّقابيّة في خيارات اللون والهويّة واستحقاقات المولاة التي نتشدق بها ليل نهار، ونهتف لتجسيدها في الإعلام ثمَّ سرعان ما ننقضّ عليها لاعتبارات الجهوية والمناطقيّة تُشكّل غدراً مُخزياً لكل مضامين الانحياز الأخلاقي لتيّار الموالاة المُتخم "للأسف" بالنَّفعية والنَّرجسية والفرديّة، وشهوة الانتقام والمُناكفة للدولة ومؤسساتها.

أفهم "مؤقتاً وبحذرً" مُمارسات الهويّة الفرعيّة في الانتخابات النيابيّة لاعتبارات خدميّة أو تنمويّة، وأتفهم التَّحالفات السِّياسيَّة بين قوى مُختلفة فكريّاً؛ لتحقيق برنامج ما، لكن المُصيبة تكمن في ذاك الفصام الذِّهني والفكري الذي "يشتم" المُعارضة صباحاً، ويُمكنها من الحكم ليلاً، ويخذل اللون والفكر والنَّهج الذي ينتمي إليه أو ينحدر منه تحت وطأة الهويّات الفرعيّة، أو محنة الانتقام من المُنافس المؤقت من ذات اللون.

كيف يمكننا أن نحترم هؤلاء المنقلبين على ذواتهم والوطن؟ وكيف يمكن لخطة التَّحديث السِّياسي أن تنضج وتكبر وتُلقي بثمارها في المشهد العام ونحن نمارس أبشع صور المُقامرة السياسيّة على لون الدولة وهويّتها؟ ألا تكفينا صنوف التآمر والغدر والاستهداف والخذلان من الأعداء وبعض بني القربى؟ أي وطنيّة تلك التي تبرر محاولات تقويض هيبة الدولة وشوكتها؟.

النُّخبة السِّياسيّة الأردنيّة موبوءة "للأسف" بعارض الفرديّة، وشهوة تقويض المؤسسات، وإيذاء الدَّولة ونخبة الحكم، وتُقارف الخطيئة السياسيّة دون أدنى اعتبار للمعايير الوطنيّة والأخلاقية، وتنقسم حيال ذلك بين الصَّمت المُدان والعبث المُمنهج، وتلقي بالمسؤوليّة دوماً على لعنة الاختيار، وعدم الاستجابة لمساحات الأنانيّة الشَّخصيّة في تولي شؤون الحكم أو موقع القرار.

لدينا معضلة مزدوجة في الدَّولة تتمثل في أن الموضوعيّة والشَّفافيّة غابت إلى حدٍ بعيد عن خيارات الحكومة من جهة، والنَّفعيّة تفشّت في النُّخبة السِّياسيّة وكبار المتقاعدين من جهة أخرى، وإلى المستوى الذي غابت فيه الرُّوح الوطنيّة لدى الأغلبيّة إلى غير رجعة؛ ما لم تستفق الدَّولة من غفوتها الطَّويلة، والنُّخبة السِّياسيّة من غيّها "البشع"، وتعود معايير المصلحة العامّة واستحقاقاتها هي الأجدر بالتَّطبيّق والأخذ.

هذا الوطن عظيم، والرُّوح الوطنيّة جميلة ونقيّة، وبات واجباً على الدولة أن تعيد قراءة المشهد الوطني بصورة تعيد للألق الوطني بريقه وبهاءه، وللرُّوح الأردنية نشوتها ورفعتها، وعليها في المقام الأول أن تجتثّ من اهتماماتها النَّخبويّة "البُغاث"، والبُغاة، والطُغاة، وروّاد السَّفارات ومزدوجي الخطاب والولاء.

مواضيع قد تهمك