حسين الرواشدة يكتب: هجمة ضد بلدنا: من يقف وراءها؟

ليست صدفة أبداً، «ماكينة» التحريض تتحرك ضد بلدنا بأدوات ومضامين جديدة، يكفي أن نرصد ما يصلنا من رسائل من خارج الحدود، بتوقيع بعض أبنائنا «الناجزين» الموزعين على محاور التمويل، والمزوَّدين بما يلزم من تغطيات ومهارات تواصل، لنكتشف حجم الهجمة التي تواجهنا، والأطراف التي تقف خلفها، والتوقيت الذي تم اختياره.
قبل أن استطرد بالتفاصيل، أعرف، تماما، أنها ليست المرة الأولى التي يتعرض فيها بلدنا لمثل هذه الهجمات ولن تكون الأخيرة، وأن مصيرها كلها إلى «مزبلة التاريخ»، أعرف، أيضاً، أن الذين يقفون على مسرح العمليات، ويتوهمون أنهم يقومون بدور البطولة «الوطنية» مجرد كومبارس أو (دمى متحركة)، تقف خلفها جهات أصبحت معروفة، لا تضمر خيراً للأردن، أعرف، ثالثاً، أن الأردنيين (أغلبهم على الأقل) استطاعوا بفطرتهم أن يكتشفوا هذا الزيف والتضليل، وأصبحوا يتعاملون معه بما يستحقه من رفض وازدراء.
لكي نفهم أكثر، ونكشف أكثر أيضاً، يتناوب هؤلاء الأبناء «الناجزون «مع غيرهم على الأدوار والمهمات المطلوبة، بعضهم يتغطى بعباءة غزة ومواجهة الاحتلال الغاصب لتشكيك الأردنيين بمواقف دولتهم وتحريضهم عليها، ثم تحشيد الشارع للدفاع عنها (!)، الهدف واضح، بالطبع، وهو استخدام الإبادة التي يتعرض لها أهل غزة لخلق حالة فوضى داخل الأردن، أو فتح جبهة جديدة تمنح المحتل الذريعة لنقل أزمته إلى بلدنا، تبدو بصمة المحرض الأساسي واضحة تماماً؛ المحفل الصهيوني لا غير.
ثمة صنف آخر، تخصص - ضمن عملية توزيع الأدوار المرسومة- بمواجهة أي صوت أردني يدافع عن الأردن، هجمة تكسير الأصوات والأقلام الأردنية واتهامها بأسوأ ما يمكن أن نتصوره من اتهامات، لا تستهدف الأشخاص لذواتهم، وإنما تستهدف الأردن، هؤلاء يتصورون أن إزاحة الأردنيين من مشهد الدفاع عن بلدهم سيترك المجال أمامهم لتسويق هجماتهم وافتراءاتهم بدون أي مصدات، ربما لم تدرك هذه المليشيات الإعلامية أن حركة الوعي على الأردن ومن أجله تجاوزت حدود الكتابة وأصحابها، وأصبحت جزءا من ضمير الأردنيين وهويتهم، وسمة من سمات شخصيتهم، لا يمكن أن يتنازلوا عنها مهما اشتدت الضغوطات.
ثمة أصناف أخرى، بعضها محسوب على فلول الأيديولوجيات، يحاول إعادة عجلة التاريخ إلى الوراء، ويدفع نحو وضع الدولة في الزاوية بذريعة أن الفراغ الذي تركوه لن يملأه أحد، بعضها، أيضاً، يندرج في إطار الدفع قبل الرفع، المهمة الموكولة اليه تفكيك أي رواية أردنية والإجهاز عليها بالتهكم السخرية، ثم الانقضاض على أي إنجاز أردني لتوليد طاقات من النقمة والتيئيس لدى بعض الأردنيين على دولتهم، وبعضها يتخفى في زي المصالح العليا للدولة، ولا يراها إلا من ثقب المغامرة والانتحار، باسم العروبة أو الدين أو باسم فلسطين.
ما يحدث في لعبة تقاسم الأدوار، وترسيم مناطق النفوذ في المنطقة، ثم الأثمان والفواتير السياسية التي قد ترتبت على بلدنا نتيجة مواقفه من حرب غزة (يذكرنا بما حدث خلال الأعوام 1990-1994)، يعكس أهداف وتوقيت حركة التحريض وهجمات «الإفك» التي يتعرض لها الأردن، كما أنه يكشف الأطراف التي تقف وراءها، التفاصيل لم تعد بحاجة إلى شرح أو إسهاب، الصورة أصبحت واضحة والتوقيت مفهوم، المطلوب أن يواجه الأردنيون ذلك بكل ما يمتلكونه من وعي ومسؤولية، وشجاعة وإصرار. ــ الدستور