عوني الداوود : رغم كل التحذيرات.. مشاكل تتكرّر!!

خلال الأسبوع الماضي طَفَت على السطح قضيتان (مكررتان) ومستمرتان - مع الأسف الشديد - وهما:
الأولى: «تهكير» حسابات وإرسال رسائل عبر «الواتس آب» يطلب مرسلوها إرسال مبالغ من المال إلى حسابات يعتقد من وصلتهم أنّها تخصّ صاحب الرقم «المعروف لديهم»، فيهرعون لنجدته من خلال تحويل مبالغ مالية تصل إلى الجهة التي قامت بعملية «التهكير/ أو اختراق الحساب».
هذه العملية اليوم باتت تتطور من خلال استدراج المُرسل إليهم للدخول في «مجموعات / جروبات»، ثم خطوة تلو أخرى يتم سحب أموال من أولئك الأشخاص.
من المهم أن ندرك تمامًا بأنّ التطور التكنولوجي والرقمي كما أنّ له كثيرًا من الفوائد والإيجابيات، ففي المقابل له كثير من الأخطار والسلبيات، حين يتم استغلال تلك الوسيلة أو الوسائل للقيام بعمليات نصبٍ واحتيالٍ.
وأذكر هنا رسائل لا زالت تصل كثيرين منّا - وعبر الإيميلات أيضًا - من دول أفريقية ومختلف دول العالم، يدعو مرسلوها لمشاركتهم أرباحًا وكنوزًا.. وما على مستقبل رسائلهم إلاّ إرسال رقم حسابه البنكي كي يتم تحويل الأرباح إلى حسابه، أو أرباح «يانصيب» كسبه في دولة أوروبية أو أمريكية أو أفريقية.. والأغرب في الموضوع أن هناك من يُرسل رقم حسابه كي تصله الجائزة رغم يقينه بأنّه لم يشترِ ورقة اليانصيب، بل ولم يزر تلك الدولة أصلًا، وربما لا يعرف مكانها على الخارطة!
الظاهرة غريبة بالفعل، ورغم كل تحذيرات البنك المركزي الأردني المتواصلة والمستمرة.. ورغم تحذيرات كافة الجهات الحكومية وغير الحكومية.. ورغم تنبيهات وإرشادات مختلف وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية والإلكترونية وحتى الرقمية، إلا أن «مأساة» من يقعوا فريسة عمليات النصب والاحتيال في تزايد!!
الثانية: عودة ظاهرة ما كان يُطلق عليها يومًا «البورصات الأجنبية»، وإن كانت بصور مختلفة، وفي هذه الظاهرة أيضًا، ورغم كل التحذيرات من البنك المركزي وكل الجهات الرقابية ووسائل الإعلام المختلفة، هناك دائمًا ضحايا، والأخطر أن الغالبية من النساء تحديدًا، لنعود إلى مشكلة «الغارمات»، وهي مشكلة لا تهدد الاقتصاد فحسب، بل «السِّلم المجتمعي»، وهناك أسر وعائلات انهارت أو هي على وشك الانهيار.
من يلوم مَن في تكرار مثل هذه الظاهرة؟؟.. وماذا تمتلك الجهات الرقابية أكثر من التنبيه والتحذير والرقابة ومعاقبة من يقوم بعمليات النصب والاحتيال؟.. ولكن ليس هناك من جهة تستطيع منع أي مواطن أو مواطنة من التعامل مع أية جهة تتعامل بالأسهم أو سواها.. فهذا قرار فردي شخصي يتحمل متخذه نتيجة قراره.
الأخطر من هذا الأمر أن دائرة الاتهامات توسّعت - بجهلٍ من البعض، وبسوء نية ربما من آخرين - لخلط «الحابل بالنابل»، وتعميم الاتهامات لتطال شركات الوساطة المالية المرخصة والعريقة دون تمييز بين مؤسسات مالية، وشركات تداول عريقة، تساهم في الاقتصاد الوطني، وبين أفراد أو جهات اقتحمت الميدان بطريقة أو بأخرى، مستغلّة (جهل أو حاجة مواطنين وطمع آخرين) ممن استُدرجوا بإغراءات فوائد وأرباح مرتفعة ولا خسارة أبدًا، إلى أن «وقع الفأس بالرأس» - كما يُقال - لتتكرر المأساة.
*باختصار أقول:
1 - هناك حاجة ماسّة لتكثيف حملات التوعية و»الثقافة الاقتصادية» عبر المدارس والجامعات ووسائل الإعلام ودور العبادة.. لحماية اقتصادنا ومجتمعاتنا وأسرنا من مثل هذه الظواهر.
2 - «التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي والرقمنة، وغيرها»، عالم جديد له مهاراته وفنونه، ومن لا يتقنها معرّض للوقوع في كمائن مسيئي استخدام تلك الوسائل والتقنيات.
3 - كما أن على الجهات المختصة والمعنية حماية المواطنين والرقابة على «الوهميين»، فمن المهم - بل الأهم - حماية الاستثمارات والمستثمرين «الحقيقيين»، وعدم الإساءة إليهم، لأن في ذلك ضررًا كبيرًا على سمعة البلد والاقتصاد الوطني.
ــ الدستور