الأخبار

سلطان حطاب يكتب : البترا لماذا الكساد؟

سلطان حطاب يكتب : البترا لماذا الكساد؟
أخبارنا :  

لو كانت البترا في بلد آخر لكان مردودها السياحي الاقتصادي مضاعفاً عدة مرات، فالبترا نافست الأهرام، وهي من عجائب الدنيا، ولا يمكن قبول وضعها الحالي، مهما كانت الذرائع، وسكانها الأصليون امتداد للأنباط الذين أقاموا حضارة في المكان الممتد جنوباً وشمالا الى بلاد الشام العليا، وكان لهم علاقات عالمية واسعة، اقليميا من خلال التجارة والقوافل، وما كانت تمثله البترا في ذلك الوقت من مكانة
البترا لم تحقق ما يجب أن تحققه من أعداد زائرة ومن نوعية في السياحة ومن تجارب لم تتمثل حتى الآن،
هناك إمكانيات كبيرة لم تتحقق وخطط ما زالت غائبة واهتمامات لم تنفذ، والبتراء بحاجة الى دعم الخطط والتصورات.المتوفرة
هذا ليس كلامي، وإنما كلام رئيس سلطة إقليم البترا التنموي السياحي الدكتور فارس بريزات، الذي طرحت عليه مجموعة من الاسئلة في لقاء سريع معه على فنجان قهوة وهو في طريقه لمقابلة رئيس الوزراء، وحضور فعالية في عمان قبل أن يعود الى البترا في نفس اليوم، وهو مهموم بضرورة التطوير والخروج من الكساد.الذي فرضته ظروفا موضوعية
كان انطباعي الأولي الذي فتح باباّ من الاسئلة والأجوبة، هو لماذا لا يكون هناك توثيق للرواية العربية الأردنية عن البترا في الكتب والمنشورات؟ ولماذا تركنا للرواية الأجنبية في العديد من الكتب والكراسات المتداولة بحوالي سبع لغات أجنبية تباع في أسواقنا وفي البترا وبعضها لا ينسجم مع الرواية الوطنية الأردنية الغائبة.
ولماذا لا نرى دراسة تتناول سكان البترا الأصلين وامتدادهم المتوفر في «البدول» الذين لهم لهجة خاصة يتكلمونها ويرثون عادات وتقاليد، وعندهم شيوخ ووجهاء تعرفت على واحد منهم هو، (قاسم البدول السمحاني،)
أين دراسات علم الاجتماع والانثربولوجيا في جامعاتنا؟
ما زالت مسارات عديدة في البترا غير مكتشفة وما زلنا لا نعرف الاّ القليل عن هذه المدينة المدهشة إذ اكتفينا بالاكتشافات الأولى منذ المرحوم يوهان بيركهارت، الذي سمى نفسه ابراهيم بن عبد الله، وقد قدم البترا للعالم.
هناك مسارات تحدث عنها الدكتور فارس بريزات، وهو بصدد إنفاذ تشغيلها، وهي تضع أجزاء عديدة من البترا في التداول السياحي وفي منافذ الرحلات، فالمسار التقليدي الرئيسي في البترا فيه حسب بريزات، 50 معلماً، ولكن كم من هذه المعالم نعرف وكم منها يتطابق فيها الاسم مع المشاهدة?، ولماذا تبقى هناك مسارات أخرى خاصة المسار الرئيسي لا يعرفها الاّ القليلون ولا يسلكها الاّ من درس البترا أو جاءها عارفاً؟
هل تقوم سلطة إقليم البترا ووزارة السياحة والجهات المعنية كلها باعادة تاهيل البترا من خلال تأهيل المسارات الاضافية التي ما زالت لم تُشغل؟ وهل يجري تطوير منتجات جديدة وعديدة في البترا ما زالت تتنظر؟
واذا كانت البترا مركزاً حضارياً تاريخياً وتجارياً يربط ما بين الجزيرة العربية وبلاد الشام ومصر والعراق في التاريخ، وتأتيها القوافل من كل حدب وصوب، فهل يجري انتاج سياحة القوافل التي تحدث عنها وأعادة انتاج البترا في هذا المجال كما يحلم فارس بريزات؟ وما ذا ينتظر لاحياء سياحة القوافل لتعود النضارة للبترا؟
قبل عامين جلست مع رجل الأعمال نديم المعشر، الذي عرض مشروعاً لاعادة احياء البترا كما لو كانت في زمن الأنباط، وهو مشروع طموح وكبير ومكلف يتجاوز المليار دولار يحتاج الى رعاية وتبني، وقد عرض لمخططات طموحة واستمعت اليه، وشاهدت جوانب منه على مدى ساعة من الزمان، ولا أعرف اين وصل، ولكني عرفت أن جلالة الملك إطلع عليه، وقد يكون المشروع الان برسم المراجعة أو الانتظار.
في البترا أقدم واكبر معصرة وزيتون نبطية، فقد اشتهر الانباط بزراعة الزيتون وعصره، وهذة المعصرة موجودة ويمكن احياؤها وتسمى(المدّرس) بتسكين الدال وفتح الراء، وكان جوار البترا وامتدادها باتجاه الشوبك في التاريخ غابات من الزيتون والبلوط والعرعر، ما زال بعضه، وهناك ضرورة لإعادة زرع هذه الانواع باتساع بعد أن زرع الآن ما يقارب أربعة الآف شجرة، وخاصة في المنطقة غرب الراجف، وهي منطقة الجلف ذات الكهوف التي تشكل عجائب جيولوجية وما زالت غير مستغلة، وقد تكون أحد أهم الوجهات السياحية مستقبلاً حين توضع جبال الجلف في مسار سياحي تابع للبترا، والموقع من أجمل المواقع السياحية والمناظر الطبيعية على مستوى العالم فاطلالته تضاهي اطلالات جبال سويسرا جمالاً، وقد تحدث عنه الملك عبد الله الثاني في زيارة الشوبك قبل عشر سنوات، وكان قد تحدث عن نقل مشاغل ميكانيكية عسكرية الى تلك المنطقة وعن مشاريع لخدمة البيئة ودعي المواطنين للاستمثار السياحي.
البترا مدينة مسيحية بامتياز بعد الاكتشافات للكنائس العديدة والقديمة، وقد أقيمت أول صلاة للكنيسة البيزنطية فيها، ولا يضاهيها الاّ كنيسة العقبة التي هي من اقدم كنائس العالم.
البترافيها مواقع عديدة للحج المسيحي بحاجة الى احياء، وقد جرى تسمية خمس مناطق معترف بها من الفاتيكان، والحج اليها قد قد يكون بأهمية موقع جبل نبو. في مادبا
وفي البترا مواقع اسلامية ايضاً بحاجة الى دراسة وكشف منها ما يسمى بالنبي هارون وهو مقام إسلامي من العهد العثماني في أعلى الجبل، والكنائس في البترا تشكل محطات في طريق الحج المسيحي، حيث المحطات الأخرى في أم الجمال ورحاب والشوبك والعقبة.
أما المواقع الاسلامية الشهيرة في منطقة العقبة وإقليمها السياحي، فهناك الحميمة التي انطلقت منها الدعوة العباسية وعاش فيها ابو جعفر المنصور، وكتب فيها البيان الأول لإقامة الدولة العباسية، قبل أن ينتقل على «بغل» الى بغداد، والى جانب الحميمة هناك اذرح، حيث التحكيم بين علي ومعاوية ومن يمثلهما وهم عمرو بن العاص وابو موسى الاشعري، وهناك موقع العباسية ومقامات لأنبياء وصحابة دفنوا أو أقاموا فيها بما يصل الى 52 موقعا
هذه مناسبة لإعادة انتاج ثروة سياحية هائلة من البترا وذلك برسم التفكير الخلاق للأردنيين. ــ الراي


مواضيع قد تهمك